Bahan Ceramah tentang DO'A (tafsir surat 2;186)
Blogger: azwarman-anwar.blogspot.com
Guru ponpes madinatul munawwarah bkt
“ DO’A “
Tafsier Surat Baqarah 186
Menurut 5 ahli tafsir terkemuka
1. Menurut Assu’udi
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
هٰذا جواب سؤال، سأل النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه فقالوا: يا رسول الله، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزل: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِيفَإِنِّيۤ} ، لأنه تعالى، الرقيب الشهيد، المطلع على السر وأخفى، يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، فهو قريب أيضاً من داعيه بالإجابة، ولهٰذا قال: {أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} .
والدعاء نوعان: دعاء عبادة، ودعاء مسألة. والقرب نوعان: قرب بعلمه من كل خلقه، وقرب من عابديه وداعيه بالإجابة والمعونة والتوفيق.
فمن دعا ربه بقلب حاضر، ودعاء مشروع، ولم يمنع مانع من إجابة الدعاء، كأكل الحرام ونحوه، فإن الله قد وعده بالإجابة، وخصوصاً إذا أتى بأسباب إجابة الدعاء، وهي الاستجابة لله تعالى بالانقياد لأوامره ونواهيه القولية والفعلية، والإيمان به، الموجب للاستجابة، فلهٰذا قال: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} ، أي: يحصل لهم الرشد، الذي هو الهداية للإيمان والأعمال الصالحة، ويزول عنهم البغي المنافي للإيمان والأعمال الصالحة. ولأن الإيمان بالله والاستجابة لأمره، سبب لحصول العلم كما قال تعالى: {ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إَن تَتَّقُواْ ٱللَّهَ يَجْعَل لَّكُمْ فُرْقَاناً} .…
2. Menurut jalalain
38 {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
186ـ وسأل جماعة النبي صلى الله عليه وسلم: أقريب ربنا فنناجيه أم بعيد فنناديه فنزل: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} منهم بعلمي فأخبرهم بذلك { أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} بإنالته ما سأل { فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِى} دعائي بالطاعة { وَلْيُؤْمِنُواْ} يداوموا على الإيمان { بِى لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ} يهتدون...
3. Menurut Ibnu Katsirr
371 1 {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَني فَإِني قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
قال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي، حدثنا يحيى بن المغيرة أخبرنا جرير عن عبدة بن أبي برزة السجستاني، عن الصلت بن حكيم بن معاوية بن حيدة القشيري عن أبيه عن جده، أن أعرابياً قال: يارسول الله صلى الله عليه وسلم، أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه ؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله: { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} إذا أمرتهم أن يدعوني فدعوني استجبت، ورواه ابن مردويه وأبو الشيخ الأصبهاني من حديث محمد بن أبي حميد عن جرير به، وقال عبد الرزاق أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف عن الحسن قال سأل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين ربنا ؟ فأنزل الله عز وجل { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} الأية وقال ابن جريج عن عطاء أنه بلغه لما نزلت { وَقَالَ رَبُّكُـمْ ٱدْعُونِىۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قال الناس لو نعلم أي ساعة ندعو؟ فنزلت { وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} وقال الإمام أحمد: حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي، حدثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي، عن أبي موسى الأشعري، قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة، فجعلنا لا نصعد شرفاً ولا نعلو شرفاً ولا نهبط وادياً، إلا رفعنا أصواتنا بالتكبير، قال: فدنا منا، فقال «يا أيها الناس، اربعوا على أنفسكم، فإنكم لا تدعون أصم ولا غائباً، إنما تدعون سميعاً بصيراً، إن الذي تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، ياعبد الله بن قيس، ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة ؟ لا حول ولا قوة إلا بالله» أخرجاه في الصحيحين وبقية الجماعة من حديث أبي عثمان النهدي واسمه عبد الرحمن بن مُلِ عنه بنحوه، وقال الإمام أحمد: حدثنا سليمان بن داود، حدثنا شعبة، حدثنا قتادة عن أنس رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم،قال: «يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني» وقال الإمام أحمد حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أنبأنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله عن كريمة بنت خشخاش المزنية، قالت: حدثنا أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «قال الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه». (قلت) وهذا كقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ، وقوله لموسى وهارون عليهما السلام { إِنَّنِى مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ} والمراد من هذا أنه تعالى لا يخيب دعاء داع، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء، ففيه ترغيب في الدعاء، وأنه لا يضيع لديه تعالى، كماقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا رجل: أنه سمع أبا عثمان النهدي، يحدث عن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبتين» ، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه،قال: «يقول الله تعالى أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني» وقال الإمام أحمد حدثنا علي بن إسحاق، أنبأنا عبد الله، أنبأنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، حدثنا إسماعيل بن عبيد الله عن كريمة بنت خشخاش المزنية، قالت: حدثنا أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول: «قال الله تعالى أنا مع عبدي ما ذكرني وتحركت بي شفتاه». (قلت) وهذا كقوله تعالى: { إِنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلَّذِينَ ٱتَّقَواْ وَّٱلَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ} ، وقوله لموسى وهارون عليهما السلام { إِنَّنِى مَعَكُمَآ أَسْمَعُ وَأَرَىٰ} والمراد من هذا أنه تعالى لا يخيب دعاء داع، ولا يشغله عنه شيء، بل هو سميع الدعاء، ففيه ترغيب في الدعاء، وأنه لا يضيع لديه تعالى، كماقال الإمام أحمد: حدثنا يزيد، حدثنا رجل: أنه سمع أبا عثمان النهدي، يحدث عن سلمان يعني الفارسي رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن الله تعالى ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيراً فيردهما خائبتين» قال يزيد: سموا لي هذا الرجل، فقالوا: جعفر بن ميمون وقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه من حديث جعفر بن ميمون صاحب الأنماط به، وقال الترمذي: حسن غريب، ورواه بعضهم ولم يرفعه، قال الشيخ الحافظ أبو الحجاج المزي رحمه الله في أطرافه، وتابعه أبو همام محمد بن الزبرقان عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي به، وقال الإمام أحمد أيضاً: حدثنا أبو عامر، حدثنا علي بن دؤاد أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال «ما من مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم، إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث خصال: إما أن يعجل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرى، وإما أن يصرف عنه من السوء مثلها» قالوا: إذاً نكثر ؟ قال: «الله أكثر»، وقال عبد الله بن الإمام أحمد: حدثنا إسحاق بن منصور الكوسج، أنبأنا محمد بن يوسف، حدثنا ابن ثوبان عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير: أن عبادة بن الصامت، حدثهم: أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال «ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجل بدعوة إلا آتاه الله إياها، أو كف عنه من السوء مثلها ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم» ورواه الترمذي عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، عن محمد بن يوسف الفريابي، عن ابن ثوبان وهو عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان به، وقال: حسن صحيح غريب من هذا الوجه،فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {اللهم أمرت بالدعاء وتوكلت بالإجابة، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، أشهد أنك فرد أحد صمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفواً أحد، وأشهد أن وعدك حق، ولقاءك حق، والجنة حق، والنار حق، والساعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور». وقال الحافظ أبو بكر البزار: وحدثنا الحسن بن يحيى الأزدي ومحمد بن يحيى القطعي، قالا: حدثنا الحجاج بن منهال، حدثنا صالح المري عن الحسن، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «يقول الله تعالى ياابن آدم واحدة لك وواحدة لي وواحدة فيما بيني وبينك، فأما التي لي فتعبدني لا تشرك بي شيئاً وأما التي لك فما عملت من شيء وفيتكه وأما الذي بيني وبينك، فمنك الدعاء وعلي الإجابة»، وفي ذكره تعالى هذه الآية الباعثة على الدعاء متخللة بين أحكام الصيام، إرشاد إلى الإجتهاد في الدعاء عند إكمال العدة، بل وعند كل فطر، كما رواه الإمام أبو داود الطيالسي في مسنده: حدثنا أبو محمد المليكي عن عمرو، هو ابن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، عن أبيه، عن جده عبد الله بن عمرو، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «للصائم عند إفطاره دعوة مستجابة، فكان عبد الله بن عمرو إذا أفطر دعا أهله وولده ودعا، وقال أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه في سننه: حدثنا هشام بن عمار، أخبرنا الوليد بن مسلم عن إسحاق بن عبد الله المدني، عن عبيد الله بن أبي مليكة، عن عبد الله بن عمرو، قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن للصائم عند فطره دعوة ما ترد» قال عبيد الله بن أبي مليكة: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر: اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي، وفي مسند الإمام أحمد وسنن الترمذي والنسائي وابن ماجه عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاثة لا ترد دعوتهم: الإمام العادل، والصائم حتى يفطر، ودعوة المظلوم، يرفعها الله دون الغمام يوم القيامة وتفتح لها أبواب السماء، يقول بعزتي لأنصرنك ولو بعد حين»..
4. Menurut Qurtubi
308 2 قوله تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}.
فيه أربع مسائل:
الأولى: قوله تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ} المعنى وإذا سألوك عن المعبود فأخبرهم أنه قريب يثيب على الطاعة ويجيب الداعي، ويعلم ما يفعله العبد من صوم وصلاة وغير ذلك. وٱختلف في سبب نزولها؛ فقال مقاتل: إن عمر رضي الله عنه واقع ٱمرأته بعدما صلّى العشاء فندم على ذلك وبكى؛ وجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك ورجع مغتمَّا؛ وكان ذلك قبل نزول الرخصة؛ فنزلت هذه الآية: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} . وقيل: لما وجب عليهم في الابتداء ترك الأكل بعد النوم فأكل بعضهم ثم ندم؛ فنزلت هذه الآية في قبول التوبة ونسخ ذلك الحكم؛ على ما يأتي بيانه. وروى الكلبي عن أبي صالح عن ٱبن عباس قال: قالت اليهود كيف يسمع ربّنا دعاءنا، وأنت تزعم أن بيننا وبين السماء خمسمائة عام، وغلظ كل سماء مثل ذلك؟ فنزلت هذه الآية. وقال الحسن: سببها أن قوماً قالوا للنبيّ صلى الله عليه وسلم: أقريب ربّنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فنزلت. وقال عطاء وقتادة: لما نزلت: {وَقَالَ رَبُّكُمْ ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ} قال قوم: في أيّ ساعة ندعوه؟ فنزلت.
الثانية: قوله تعالى: {فَإِنِّي قَرِيبٌ} أي بالإجابة. وقيل بالعلم. وقيل: قريب من أوليائي بالإفضال والإنعام.
الثالثة: قوله تعالى: {أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ} أي أقبل عبادة من عبدني؛ فالدعاء بمعنى العبادة، والإجابة بمعنى القبول. دليله ما رواه أبو داود عن النُّعمان بن بَشير عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «الدعاء هو العبادة قال ربكم ٱدعوني أستجب لكم» فسُمِّيَ الدعاء عبادة؛ ومنه قوله تعالى: {إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} أي دعائي. فأمر تعالى بالدعاء وحض عليه وسمّاه عبادة،ووعد بأن يستجيب لهم. روى لَيث عن شَهر بن حَوْشَب عن عُبادة بن الصّامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «أُعْطِيَتْ أمتي ثلاثاً لم تُعط إلا الأنبياءَ كان الله إذا بعث نبِيًّا قال ٱدعني أستجب لك وقال لهذه الأمة ٱدعوني أستجب لكم وكان الله إذا بعث النبيّ قال له ما جعل عليك في الدِّين من حَرج وقال لهذه الأمة ما جعل عليكم في الدِّين من حرج وكان الله إذا بعث النبيّ جعله شهيداً على قومه وجعل هذه الأمة شُهداءَ على الناس». وكان خالد الرَّبَعِيّ يقول: عجبت لهذه الأمة في {ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ} أمرهم بالدعاء ووعدهم بالإجابة، وليس بينهما شَرْط. قال له قائل مثل ماذا؟ قال مثل قوله: {وَبَشِّرِ ٱلَّذِين آمَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّالِحَاتِ} فها هنا شَرْط، وقوله: {وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَنَّ لَهُمْ قَدَمَ صِدْقٍ} فليس فيه شَرْط العمل، ومثل قوله: {فَٱدْعُواْ ٱللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ} فها هنا شَرط، وقوله: {ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ} ليس فيه شرط. وكانت الأمم تقرع إلى أنبيائها في حوائجهم حتى تسأل الأنبياءُ لهم ذلك.
فإن قيل: فما للدّاعي قد يدعو فلا يُجَاب؟ فالجواب أن يُعلم أن قوله الحق في الآيتين «أجِيب» «أسْتَجِبْ» لا يقتضي الاستجابة مطلقاً لكل داعٍ على التفصيل، ولا بكلّ مطلوب على التفصيل، فقد قال ربُّنا تبارك وتعالى في آية أخرى: {ٱدْعُواْ رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لاَ يُحِبُّ ٱلْمُعْتَدِينَ} وكل مُصِرٍّ على كبيرة عالماً بها أو جاهلاً فهو مُعْتدٍ، وقد أخبر أنه لا يحب المعتدين فكيف يستجيب له. وأنواع الاعتداء كثيرة؛ يأتي بيانها هنا وفي «الأعراف» إن شاء الله تعالى. وقال بعض العلماء: أجيب إن شئتُ؛ كما قال: «فَيَكْشِفُ مَا تَدْعُونَ إلَيْهِ إنْ شَاءَ» فيكون هذا من باب المطلق والمقيّد. وقد دعا النبيّ صلى الله عليه وسلم في ثلاثٍ فأُعْطِيَ ٱثْنتين ومُنع واحدة، على ما يأتي بيانه في «الأنعام» إن شاء الله تعالى. وقيل: إنما مقصود هذا الإخبار تعريف جميع المؤمنين أن هذا وصف ربهم سبحانه أنه يجيب دعاء الداعين في الجملة،وأنه قريب من العبد يسمع دعاءه ويعلم ٱضطراره فيجيبه بما شاء وكيف شاء {وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُو مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ} الآية. وقد يجيب السيّدُ عبدَه والوالدُ ولدَه ثم لا يعطيه سُؤْله. فالإجابة كانت حاصلة لا محالَة عند وجود الدعوة؛ لأن أجيب وأستجب خبر لا يُنسخ فيصير المخبر كذاباً. يدلّ على هذا التأويل ما روَى ٱبن عمر عن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: «من فُتح له في الدعاء فُتحت له أبواب الإجابة». وأوحى الله تعالى إلى داود: أنْ قل للظلمة من عبادي لا يدعوني فإني أوْجبت على نفسي أن أجيب من دعاني وإني إذا أجبت الظلمة لعنتهم. وقال قوم: إن الله يجيب كلّ الدعاء؛ فإمّا أن تظهر الإجابة في الدنيا، وإمّا أن يكفّر عنه، وإمّا أن يدّخر له في الآخرة؛ لما رواه أبو سعيد الخُدْرِيّ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رَحِم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث إمّا أن يُعجّل له دعوته وإمّا أن يدّخر له وإمّا أن يكفّ عنه من السوء بمثلها». قالوا: إذن نُكثر؟ قال: «الله أكثر». خرّجه أبو عمر بن عبد البر، وصححه أبو محمد عبد الحق، وهو في الموطّأ منقطع السّند. قال أبو عمر: وهذا الحديث يخرج في التفسير المسند لقول الله تعالى {ٱدْعُونِيۤ أَسْتَجِبْ لَكُمْ} فهذا كله من الإجابة. وقال ٱبن عباس: كل عبد دعا أستجيب له؛ فإن كان الذي يدعو به رزقَا له في الدنيا أعطيَه، وإن لم يكن رزقاً له في الدنيا ذُخِر له.
قلت: وحديث أبي سعيد الْخُدْرِيّ وإن كان إذناً بالإجابة في إحدى ثلاث فقد دلّك على صحة ما تقدّم من ٱجتناب الابتداء المانع من الإجابة حيث قال فيه: «ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رَحِم» وزاد مسلم: «ما لم يَستعجل». رواه عن أبي هريرة عن النبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يزال يُستجاب للعبد ما لم يَدْعُ بإثم أو قطيعة رَحِم ما لم يَستعجِل قيل: يا رسول الله، ما الاستعجال؟ قال يقول قد دَعوتُ وقد دَعوتُ فلم أر يستجيب لي فَيَسْتَحْسِر عند ذلك ويَدَعُ الدعاء». وروى البخاريّ ومسلم وأبو داود عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «يُستجاب لأحدكم ما لم يَعْجَل يقول دَعوتُ فلم يُستجب لي». قال علماؤنا رحمة الله عليهم: يحتمل قوله «يُستجاب لأحدكم» الإخبار عن (وجوب) وقوع الإجابة، والإخبار عن جواز وقوعها؛ فإذا كان بمعنى الإخبار عن الوجوب والوقوعفإذا قال: قد دعوت فلم يُستجب لي، بطل وقوع أحد هذه الثلاثة الأشياء وعَرِيَ الدعاء من جميعها. وإن كان بمعنى جواز الإجابة فإن الإجابة حينئذ تكون بفعل ما دعا به خاصّةً، ويمنع من ذلك قول الداعي: قد دعوتُ فلم يُستجب لي؛ لأن ذلك من باب القنوط وضعف اليقين والسّخط.
قلت: ويمنع من أجابة الدعاء أيضاً أكل الحرام وما كان في معناه؛ قال صلى الله عليه وسلم: «الرجل يُطيل السّفَر أشْعَثَ أغْبَر يمدّ يديه إلى السماء يا رَبّ يا رَبّ ومَطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغُذِيَ بالحرام فأنَّى يُستجاب لذلك» وهذا ٱستفهام على جهة الاستعياد من قبول دعاء مَن هذه صفته، فإن إجابة الدعاء لا بدّ لها من شروط في الداعي وفي الدعاء وفي الشيء المدعو به. فمن شَرْط الداعي أن يكون عالماً بأن لا قادر على حاجته إلا الله، وأن الوسائط في قبضته ومسخّرة بتسخيره، وأن يدعو بنيّة صادقة وحضور قلب، فإن الله لا يستجيب دعاء من قلبِ غافلٍ لاهٍ، وأن يكون مجتنباً لأكل الحرام، وألا يملّ من الدعاء. ومن شَرط المدعو فيه أن يكون من الأمور الجائزة الطلب والفعل شرعاً؛ كما قال: «ما لم يَدْعُ بإثم أو قطِيعةَ رَحِم» فيدخل في الإثم كل ما يأثم به من الذنوب، ويدخل في الرَّحم جميع حقوق المسلمين ومظالمهم. وقال سهل بن عبد اللَّه التُّسْتَرِيّ: شروط الدعاء سبعة: أوّلها التضرّع والخوف والرجاء والمداومة والخشوع والعموم وأكل الحلال. وقال ٱبن عطاء: إن للدّعاء أركاناً وأجنحة وأسباباً وأوقاتاً؛ فإن وافق أركانه قَوِيَ، وإن وافق أجنحته طار في السماء، وإن وافق مواقيته فاز، وإن وافق أسبابه أنجح. فأركانه حضور القلب والرأفة والاستكانة والخشوع، وأجنحته الصدق، ومواقيته الأسحار، وأسبابه الصلاة على محمد صلى الله عليه وسلم. وقيل: شرائطه أربع أوّلها حفظ القلب عند الوحدة، وحفظ اللسان مع الخلق، وحفظ العين عن النظر إلى ما لا يَحِلّ، وحفظ البطن من الحرام. وقد قيل: إنّ مِن شَرْط الدعاء أن يكون سليماً من اللّحن؛ كما أنشد بعضهم:
ينادي ربَّه باللّحن لَيْثٌ
كذاك إذا دعاه لا يجيب
وقيل لإبراهيم بن أدْهم: ما بالنا ندعو فلا يُستجاب لنا؟ قال: لأنكم عرفتم الله فلم تطيعوه، وعرفتم الرسول فلم تتّبعوا سُنّته، وعرفتم القرآن فلم تعملوا به، وأكلتم نِعم الله فلم تؤدّوا شكرها، وعرفتم الجنة فلم تطلبوها، وعرفتم النار فلم تهربوا منها، وعرفتم الشيطان فلم تحاربوه ووافقتموه،ودفنتم الأموات فلم تعتبروا، وتركتم عيوبكم وٱشتغلتم بعيوب الناس. قال عليّ رضي الله عنه لنَوْف البِكَالِيّ: يا نَوْف، إن الله أوحى إلى داود أن مُرْ بني إسرائيل ألاّ يدخلوا بيتاً من بيوتي إلا بقلوب طاهرة، وأبصار خاشعة، وأيدٍ نقيّة؛ فإني لا أستجيب لأحد منهم، ما دام لأحد من خلقي مظلمة. يا نوف، لا تكونن شاعراً ولا عَرِيفاً ولا شرطياً ولا جابياً ولا عَشّاراً، فإن داود قام في ساعة من الليل فقال: إنها ساعة لا يدعو عبد إلاّ استجيب له فيها، إلا أن يكون عَرِيفاً أو شرطيًّا أو جابياً أو عَشَاراً، أو صاحب عَرْطَبَة، وهي الطُّنبور، أو صاحب كُوبة، وهي الطبل. قال علماؤنا: ولا يَقُل الداعي: اللَّهُمّ أعطني إنْ شئتَ، اللَّهُمّ ٱغفر لي إن شئتَ، اللَّهُمّ ٱرحمني إن شئتَ؛ بل يَعري سؤاله ودعاءه من لفظ المشيئة، ويسأل سؤال من يعلم أنه لا يفعل إلا أن يشاء. وأيضاً فإن في قوله: «إن شئت» نوع من الاستغناء عن مغفرته وعطائه ورحمته؛ كقول القائل: إن شئت أن تعطيني كذا فٱفعل؛ لا يستعمل هذا إلا مع الغنيّ عنه، وأما المضطرّ إليه فإنه يعزم في مسألته ويسأل سؤال فقير مضطرّ إلى ما سأله. روى الأئمة واللفظ للبخاريّ عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا أحدكم فليعزِم المسألة ولا يقولنّ اللَّهُمّ إن شئتَ فأعطني فإنه لا مُسْتَكْرِه له». وفي الموَطّأ: «اللَّهُمّ ٱغفر لي إن شئتّ، اللّهُمّ ٱرحمني إن شئت». قال علماؤنا: قوله «فليعزِم المسألة» دليل على أنه ينبغي للمؤمن أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء من الإجابة، ولا يقنط من رحمة الله؛ لأنه يدعو كريماً. قال سفيان ابن عُيَيْنَة: لا يمنعنّ أحداً من الدعاء ما يعلمه من نفسه فإن الله قد أجاب دعاء شرّ الخلق إبليس؛ قال: رَبّ فأنْظِرني إلى يوم يُبعثون؛ قال فإنك من المنظرين. وللدّعاء أوقات وأحوال يكون الغالب فيها الإجابة، وذلك كالسَّحَر ووقت الفطر، وما بين الأذان والإقامة، وما بين الظهر والعصر في يوم الأربعاء؛ وأوقات الاضطرار وحالة السفر والمرض، وعند نزول المطر والصَّف في سبيل الله. كل هذا جاءت به الآثار، ويأتي بيانها في مواضعها. وروى شَهْر بن حَوْشَب أن أمّ الدّرداء قالت له: يا شَهْر، ألا تجد القشعريرة؟ قلت نعم. قالت: فٱدع الله فإن الدعاء مستجاب عند ذلك. وقال جابر بن عبد اللَّه: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد الفتح ثلاثاً يوم الإثنين ويوم الثفعرفتُ السرور في وجهه. قال جابر: ما نزل بي أمْرٌ مُهِمّ غليظ إلا تَوَخّيتُ تلك الساعة فأدعو فيها فأعرف الإجابة.
الرابعة: قوله تعالى: {فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي} قال أبو رجاء الخراسانيّ: فلْيَدْعُوا لي. وقال ٱبن عطية: المعنى فليطلبوا أن أجيبهم. وهذا هو باب «ٱستفعل» أي طلب الشيء إلا ما شَدّ؛ مثل ٱستغنى الله. وقال مجاهد وغيره: المعنى فليجيبوا إليّ فيما دعوتهم إليه من الإيمان؛ أي الطاعة والعمل. ويقال: أجاب وٱستجاب بمعنىً؛ ومنه قول الشاعر:
فلم يستجبه عند ذاك مجيب
أي لم يجبه. والسين زائدة واللام لام الأمر. وكذا «وَلْيُؤْمِنُوا» وجَزَمت لام الأمر لأنها تجعل الفعل مستقبلاً لا غير، فأشبهت إنْ التي للشرط. وقيل: لأنها لا تقع إلا على الفعل. والرشاد خلاف الغَيّ. وقد رَشَد يَرْشُد رُشْداً. ورَشِد (بالكسر) يَرْشَدَ رَشَداً، لغة فيه. وأرشده الله. والمَراشِد: مقاصد الطرق. والطريق الأرْشَد: نحو الأقصد. وتقول: هو لرشْدةٍ. خلاف قولك: لزِنْيَة. وأمُّ راشد: كُنية للفأرة. وبنو رَشْدان: بطن من العرب؛ عن الجوهري. وقال الهَرَوِي: الرُّشْد والرَّشَد والرشاد: الهدى والاستقامة؛ ومنه قوله: «لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ»..
5. Menurut ulama thabari
92 2 القول في تأويل قوله تعالى:
{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ ٱلدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}
يعني تعالى ذكره بذلك: وإذا سألك يا محمد عبادي عني أين أنا؟ فإني قريب منهم أسمع دعاءهم، وأجيب دعوة الداعي منهم.
وقد اختلفوا فيما أنزلت فيه هذه الآية، فقال بعضهم: نزلت في سائل سأل النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أقريب ربنا فنناجيه، أم بعيد فنناديه؟ فأنزل الله وإذَا سألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإِني قَريبٌ أُجِيبُ... الآية.
حدثنا بذلك ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن عبدة السجستاني، عن الصلت بن حكيم، عن أبيه، عن جده.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا جعفر بن سليمان عن عوف، عن الحسن، قال: سأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم: أين ربنا؟ فأنزل الله تعالى ذكره: وَإذَا سألكَ عِبَادي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعان... الآية.
وقال آخرون: بل نزلت جوابا لمسئلة قوم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم: أيّ ساعة يدعون الله فيها؟ ذكر من قال ذلك:
حدثنا سفيان بن وكيع، قال: ثنا أبي، عن سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء قال: لما نزلت: وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكُمْ قالوا في أي ساعة؟ قال: فنزلت: وَإذَا سألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ إلى قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُون.
حدثنا أحمد بن إسحاق الأهوازي، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء في قوله: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعان قالوا: لو علمنا أيّ ساعة ندعو؟ فنزلت وإذَا سألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنِّي قَرِيبٌ... الآية.
حدثني القاسم قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: زعم عطاء بن أبي رباح أنه بلغه لما نزلت: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُوني أسْتَجِيبْ لَكُمْ قال.الناس: لو نعلم أي ساعة ندعو؟ فنزلت: وَإذَا سألكَ عِبادي عَنِّي فإنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعان فَلْيَسْتَجيبُوا لي وَلْيْؤمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ.
حدثنا موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال ثنا أسباط، عن السدي: وَإذَا سألَكَ عِبَادِي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعُوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعان قال: ليس من عبد مؤمن يدعو الله إلا استجاب له، فإن كان الذي يدعو به هو له رزق في الدنيا أعطاه الله، وإن لم يكن له رزقا في الدنيا ذَخَرَهُ له إلى يوم القيامة، ودفع عنه به مكروها.
حدثني المثنى، قال: ثنا الليث بن سعد، عن ابن صالح، عمن حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما أُعْطيَ أحدٌ الدُّعاءَ وَمُنِعَ الإجابةَ، لأنَّ الله يَقُولُ: ادْعُونِي أسْتَجِبْ لَكم» ومعنى متأولي هذا التأويل: وإذا سألك عبادي عني أيّ ساعة يدعونني فإني منهم قريب في كل وقت أجيب دعوة الداع إذا دعان.
وقال آخرون: بل نزلت جوابا لقول قوم قالوا إذا قال الله لهم: ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ إلى أين ندعوه؟ ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال مجاهد: ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ قالوا: إلى أين؟ فنزلت: أيْنَما تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيم.
وقال آخرون: بل نزلت جوابا لقوم قالوا: كيف ندعو؟ ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة قال: ذكر لنا أنه لما أنزل الله ادْعُوني أَسْتَجِبْ لَكُمْ قال رجال: كيف ندعو يا نبي الله؟ فأنزل الله: وَإذَا سَأَلَكَ عِبَادي عَنِّي فإنّي قَرِيبٌ إلى قوله: يَرْشُدُونَ.
وأما قوله: فَلْيَسْتَجِيبُوا لي فإنه يعني: فليستجيبوا لي بالطاعة، يقال منه: استجبت له واستجبته بمعنى أجبته، كما قال كعب بن سعد الغنوي:
ودَاعٍ دَعا يا مَن يُجِيبُ إلى النَّدَى
فلَمْ يَستجِبهُ عندَ ذَاكَ مُجِيبُ
يريد: فلم يجبه. وبنحو ما قلنا في ذلك قال مجاهد وجماعة غيره.
حدثنا القاسم، قال ثنا الحسين، قال: حدثني الحجاج، عن ابن جريج، قال: قال مجاهد قوله: فَلْيَسْتَجِيبُوا لي قال: فليطيعوا لي، قال: الاستجابة: الطاعة.
حدثني المثنى، قال: ثنا حبان بن موسى، قال: سألت عبد الله بن المبارك عن قوله: فَلْيَسْتَجِيبُوا لي قال: طاعة الله.
وقال بعضهم: معنى فَلْيَسْتَجِيبُوا لي فليدعوني. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني منصور بن هارون، عن أبي رجاء الخراساني، قال فَلْيَسْتَجِيبُوا لي: فليدعوني.
وأما قوله: وَلْيُؤمِنُوا بِي فإنه يعني: وليصدقوا، أي وليؤمنوا بي إذا هم استجابوا لي بالطاعة أني لهم من وراء طاعتهم لي في الثواب عليها وإجزالي الكرامة لهم عليها.
وأما الذي تأول قوله: فَلْيَسْتَجِيبُوا لي أي بمعنى فليدعوني، فإنه كان يتأول قوله: وَلْيُؤمِنُوا بي: وليؤمنوا بي أني أستجيب لهم. ذكر من قال ذلك:
حدثنا القاسم، ثنا الحسين، قال: حدثني منصور بن هارون، عن أبي رجاء الخراساني: وَلْيُؤمِنُوا بي يقول: أني أستجيب لهم.
وأما قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ فإنه يعني: فليستجيبوا لي بالطاعة، وليؤمنوا بي فيصدّقوا على طاعتهم إياي بالثواب مني لهم وليهتدوا بذلك من فعلهم فيرشدوا كما:
حدثني به المثنى، قال: ثنا إسحاق، قال: ثنا عبد الرحمن بن سعد، قال ثنا أبو جعفر، عن الربيع في قوله: لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ يقول: لعلهم يهتدون.
فإن قال لنا قائل: وما معنى هذا القول من الله تعالى ذكره؟ فأنت ترى كثيرا من البشر يدعون الله فلا يجاب لهم دعاء وقد قال: أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إذَا دَعانِ؟ قيل: إن لذلك وجهين من المعنى: أحدهما أن يكون معنيا بالدعوة العمل بما ندب الله إليه وأمر به، فيكون تأويل الكلام: وإذا سألك عبادي عني فإني قريب ممن أطاعني وعمل بما أمرته به أجيبه بالثواب على طاعته إياي إذا أطاعني. فيكون معنى الدعاء مسألة العبد ربه وما وعد أولياؤه على طاعتهم بعملهم بطاعته، ومعنى الإجابة من الله التي ضمنها له الوفاء له بما وعد العاملين له بما أمرهم به، كما رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله: «إنَّ الدُّعاءَ هُوَ العِبَادَة».
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جويبر، عن الأعمش، عن ذرّ، عن سَبيْع الحضرمي، عن النعمان بن بشير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الدُّعاءَ هُوَ العِبَادةُ»، ثم قرأ: وَقالَ رَبُّكُمُ ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ إنَّ الَّذِينَ يَسْتَكُبِرُونَ عَنْ عِبَادَتي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرين.
فأخبر صلى الله عليه وسلم أن دعاء الله إنما هو عبادته ومسألته بالعمل له والطاعة وبنحو الذي قلنا في ذلك ذكر أن الحسن كان يقول.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني منصور بن هارون، عن عبد الله بن المبارك، عن الربيع بن أنس، عن الحسن أنه قال فيها: ادْعُوني أسْتَجِبْ لَكُمْ قال: اعملوا وأبشروا فإنه حق على الله أن يستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله.
والوجه الآخر: أن يكون معناه: أجيب دعوة الداع إذا دعان إن شئتُ. فيكون ذلك وإن كان عاما مخرجه في التلاوة خاصا معناه.
Komentar
Posting Komentar