Mengganti Qhadha Puasa QS 2;184 menurut 3 ulama Tafsir terkemuka
Kajian tentang Fa'iddadun min Ayyamin Ukhar dalam 3 ulama Tafsir terkenal Qurtubi, Ibnu Katsir dan Thabari
TAFSIR DARI FAIDDATUN MIN AYYAMIN UKHAR QS
2:184
1.Menurut
Alqurtubi 6 masalah yang timbul dari
ayat ini
فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ} فيه ست عشرة مسألة.
الأولى: قوله تعالى: {مَّرِيضاً}
للمريض حالتان: إحداهما ألاّ يطيق الصوم بحال؛ فعليه
الفطر واجباً. الثانية: أن يقدر على الصوم بضرر ومشقة؛ فهذا يُستحبّ له الفطر ولا يصوم
إلا جاهل. قال ٱبن سيرين: متى حصل الإنسان في حالٍ يستحق بها ٱسم المرض
صحّ الفطر،
قياساً على المسافر لعلّة السفر، وإن لم تَدْع إلى الفطر ضرورة. قال طريف ٱبن تمام
العُطاردي: دخلت على محمد بن سيرين في رمضان وهو يأكل؛ فلما فرغ قال: إنه وجعتْ أصبعي
هذه. وقال جمهور من العلماء: إذا كان به مرض يؤلمه ويؤذيه أو يخاف تماديه أو يخاف تزّيده
صحّ له الفطر. قال ٱبن عطية: وهذا مذهب حذّاق أصحاب مالك وبه يناظرون. وأما لفظ مالك
فهو المرض الذي يشقّ على المرء ويبلغ به. وقال ٱبن خُوَيْزِ مَنْدَاد: وٱختلفت الرواية
عن مالك في المرض المبيح للفطر؛ فقال مرّة: هو خوف التلف من الصيام. وقال مرّة: شدّة
المرض والزيادة فيه والمشقة الفادحة. وهذا صحيح مذهبه وهو مقتضى الظاهر؛ لأنه لم يخصّ
مرضاً من مرض فهو مباح في كل مرض، إلا ما خصّه الدليل من الصداع والحمّى والمرض اليسير
الذي لا كُلْفة معه في الصيام. وقال الحسن: إذا لم يقدر من المرض على الصلاة قائماً
أفطر؛ وقاله النَّخَعِيّ. وقالت فرقة: لا يُفطر بالمرض إلا مَن دعته ضرورة المرض نفسه
إلى الفطر،
ومتى ٱحتمل الضرورة معه لم يفطر. وهذا قول الشافعيّ رحمه الله تعالى.
قلت: قول ٱبن سِيرين أعدل شيء في هذا الباب إن شاء الله تعالى. قال البخاري:
ٱعتللتُ بنَيْسابور عِلَّةً خفيفة وذلك في شهر رمضان؛ فعادني إسحٰق بن رَاهْوَيْهْ
في نفر من أصحابه فقال لي: أفطرت يا أبا عبد اللَّه؟ فقلت نعم. فقال: خشيتَ أن تضعف
عن قبول الرّخصة. قلت: حدّثنا عبدان عن ٱبن المبارك عن ٱبن جُريج قال قلت لعطاء: من
أيّ المرض أفطر؟ قال: من أيّ مرض كان؛ كما قال الله تعالى: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً}
قال البخاري: وهذا الحديث لم يكن عند إسحٰق. وقال أبو حنيفة: إذا خاف الرجل على نفسه
وهو صائم إن لم يُفطر أن تزداد عينه وجعاً أو حُمَّاه شدّة أفطر.
الثانية: قوله تعالى: {أَوْ عَلَىٰ
سَفَرٍ} ٱختلف العلماء في السفر الذي يجوز فيه
الفطر والقصر، بعد إجماعهم على سفر الطاعة كالحج والجهاد، ويتّصل بهذين سَفَرُ صِلة
الرَّحِم وطلب المعاش الضروري. أما سفر التجارات والمباحات فمختلَف فيه بالمنع والإجازة،
والقول بالجواز أرجح. وأمّا سفر العاصي فيختلف فيه بالجواز والمنع، والقول بالمنع أرجح،
قاله ٱبن عطية. ومسافة الفطر عند مالك حيث تقصر الصلاة. وٱختلف العلماء في قدر ذلك؛
فقال مالك: يوم وليلة؛ ثم رجع فقال: ثمانية وأربعون مِيلاً. قال ٱبنِ خُوَيْزِ مَنْدَاد:
وهو ظاهر مذهبه؛ وقال مرّة: ٱثنان وأربعون مِيلاً؛ وقال مرّة ستة وثلاثون مِيلاً؛ وقال
مرّة: مسيرة يوم وليلة؛ وروي عنه يومان؛ وهو قول الشافعي. وفصّل مرّة بين البَرّ والبحر؛
فقال في البحر مسيرة يوم ليلة، وفي البر ثمانية وأربعون ميلاً، وفي المذهب ثلاثون ميلاً؛
وفي غير المذهب ثلاثة أميال.. وقال ٱبن عمرو وٱبن عباس والثوريّ: الفطر في سفرِ ثلاثة
أيام؛ حكاه ٱبن عطية.
قلت: والذي في البخاري: وكان ٱبن عمر وٱبن عباس يفطران ويقصران في أربعة
بُرُد، وهي ستة عشر فرسخاً.
الثالثة: ٱتفق العلماء على أن
المسافر في رمضان لا يجوز له أن يبيّت الفطر؛ لأن المسافر لا يكون مسافراً بالنّية بخلاف المقيم، وإنما يكون مسافراً
بالعمل والنهوض، والمقيم لا يفتقر إلى عمل؛ لأنه إذا نوى الإقامة كان مقيماً في الحين،
لأن الإقامة لا تفتقر إلى عمل فافترقا. ولا خلاف بينهم أيضاً في الذي يؤمّل السفر أنه
لا يجوز له أن يفطر قبل أن يخرج؛ فإن أفطر فقال ٱبن حبيب
إن كان قد تأهّب لسفره وأخذ في أسباب الحركة فلا شيء عليه وحكى ذلك عن
أَصْبَغ وٱبن الماجشُون؛ فإن عاقه عن السفر عائق كان عليه الكفارة، وحَسْبه أن ينجو
إن سافر. وروى عيسى عن ٱبن القاسم أنه ليس عليه إلا قضاء يوم؛ لأنه متأوّل في فطره.
وقال أشهب: ليس عليه شيء من الكفارة سافر أو لم يسافر. وقال سُحْنون: عليه الكفارة
سافر أو لم يسافر؛ وهو بمنزلة المرأة تقول: غداً تأتيني حَيْضتي، فتُفْطر لذلك. ثم
رجع إلى قول عبد الملك وأَصْبَغ وقال: ليس مثل المرأة؛ لأن الرجل يُحدث السفر إذا شاء،
والمرأة لا تُحدث الحيضة.
قلت: قول ٱبن القاسم وأشهب في نفي الكفَّارة حَسَن؛ لأنه ما يجوز له فعله،
والذّمة بريئة، فلا يثبت فيها شيء إلا بيقين ولا يقين مع الاختلاف، ثم إنه مقتضى قوله
تعالى: «أَوْ عَلَى سَفَر». وقال أبو عمر: هذا أصح أقاويلهم في هذه المسألة؛ لأنه غير
منتهك لحرمة الصوم بقصد إلى ذلك وإنما هو متأوّل، ولو كان الأكل مع نيّة السفر يوجب
عليه الكفارة لأنه كان قبل خروجه ما أسقطها عنه خروجه؛ فتأمّل ذلك تجده كذلك، إن شاء
الله تعالى. وقد روى الدّارَقُطْنِي: حدّثنا أبو بكر النيسابوري حدّثنا إسماعيل بن
إسحٰق بن سهل بمصر قال حدّثنا ٱبن أبي مريم حدّثنا محمد بن جعفر أخبرني زيد بن أسلم
قال: أخبرني محمد بن المُنْكَدَر عن محمد بن كعب أنه قال: أتيت أنس بن مالك في رمضان
وهو يريد السفر وقد رُحّلَت دابته ولبس ثياب السفر وقد تقارب غروب الشمس، فدعا بطعام
فأكل منه ثم ركب. فقلت له: سُنَّة؟ قال نعم. وروي عن أنس أيضاً قال قال لي أبو موسى:
ألم أنبئنّك إذا خرجت خرجت صائماً، وإذا دخلت صائماً؛ فإذا خرجت فٱخرج مفطراً وإذا
دخلت فٱدخل مفطراً. وقال الحسن البصريّ: يُفطر إن شاء في بيته يوم يريد أن يخرج. وقال
أحمد: يفطر إذا برز عن البيوت. وقال إسحٰق: لا، بل حين يضع رجله في الرَّحْل. قال ٱبن
المنذر: قول أحمد صحيح؛ لأنهم يقولون لمن أصبح صحيحاً ثم ٱعتَلّ: إنه يُفطر بقية يومه،
وكذلك إذا أصبح في الحضر ثم خرج إلى السفر فله كذلك أن يفطر. وقالت طائفة: لا يفطر
يومه ذلك وإن نهض في سفره؛ كذلك قال الزهري ومكحول ويحيى الأنصاريّ ومالك والأوزاعي
والشافعي وأبو ثور وأصحاب الرأي. وٱختلفوا إن فعل؛ فكلهم قال يقضي ولا يكفّر. قال مالك:
لأن السفر عذر طارىء، فكان كالمرض يطرأ عليه. وروي عن بعض أصحاب مالك أنه يقضي ويكفّر؛
وهو قول ٱبن كنانة والمخزومي،
وحكاه الباجي عن الشافعي، وٱختاره ٱبن العربي وقال به؛ قال: لأن السفر
عذر طرأ بعد لزوم العبادة ويخالف المرض والحيض؛ لأن المرض يبيح له الفطر، والحيضُ يُحَرّم
عليها الصوم، والسفرُ لا يبيح له ذلك فوجبت عليه الكفارة لهتك حُرمته. قال أبو عمر:
وليس هذا بشيء؛ لأن الله سبحانه قد أباح له الفطر في الكتاب والسُّنة. وأما قولهم
«لا يفطر» فإنما ذلك ٱستحباب لما عقده فإن أخذ برخصة الله كان عليه القضاء، وأما الكفارة
فلا وجه لها، ومن أوجبها فقد أوجب ما لم يوجبه الله ولا رسوله صلى الله عليه وسلم.
وقد روي عن ٱبن عمر في هذه المسألة: يفطر إن شاء في يومه ذلك إذا خرج مسافراً؛ وهو
قول الشعبيّ وأحمد وإسحٰق.
قلت: وقد ترجم البخاري رحمه الله على هذه المسألة «باب من أفطر في السفر
ليراه الناس» وساق الحديث عن ٱبن عباس قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة
إلى مكة فصام حتى بلغ عُسْفان، ثم دعا بماء فرفعه إلى يديه ليُريه الناسَ فأفطر حتى
قدم مكة وذلك في رمضان. وأخرجه مسلم أيضاً عن ٱبن عباس وقال فيه: ثم دعا بإناء فيه
شراب شربه نهاراً ليراه الناس ثم أفطر حتى دخل مكة. وهذا نصّ في الباب فسقط ما خالفه،
وبالله التوفيق. وفيه أيضاً حجة على من يقول: إن الصوم لا ينعقد في السفر. روي عن عمر
وٱبن عباس وأبي هريرة وٱبن عمر. قال ٱبن عمر: من صام في السفر قضى في الحضر. وعن عبد
الرحمن بن عوف: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر. وقال به قوم من أهل الظاهر؛ وٱحتجوا
بقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} على ما يأتي بيانه، وبما روي كعب بن
عاصم قال: سمعت النبيّ صلى الله عليه وسلم يقول: «ليس مِن البِّر الصيامُ في السّفر».
وفيه أيضاً حجةٌ على من يقول: إنَ من بيّت الصوم في السفر فله أن يُفطر وإن لم يكن
له عذر؛ وإليه ذهب مُطَرِّف، وهو أحد قولي الشافعي وعليه جماعة من أهل الحديث. وكان
مالك يوجب عليه القضاء والكفارة لأنه كان مَخيّراً في الصوم والفطر، فلما ٱختار الصوم
وبيّته لزمه ولم يكن له الفطر؛ فإن أفطر عامداً من غير عذر كان عليه القضاء والكفارة.
وقد روي عنه أنه لا كفّارة عليه؛ وهو قول أكثر أصحابه إلا عبد الملك فإنه قال: إن أفطر
بجماع كفّر؛ لأنه لا يقوى بذلك على سفره ولا عذر له؛ لأن المسافر إنما أبيح له الفطر
ليقوَى بذلك على سفره. وقال سائر الفقهاء بالعراق والحجاز: إنه لا كفارة عليه؛ منهم
الثوري والأوزاعي والشاف
قاله أبو عمر.
الرابعة: وٱختلف العلماء في الأفضل
من الفطر أو الصوم في السفر؛ فقال مالك والشافعي
في بعض ما روي عنهما: الصوم أفضل لمن قَوِيَ عليه. وجُلّ مذهب مالك التخيير وكذلك مذهب
الشافعي. قال الشافعي ومن ٱتبعه: هو مخيَّر؛ ولم يفصِّل، وكذلك ٱبن عُلّية؛ لحديث أنس
قال: سافرنا مع النبيّ صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يَعب الصائم على المفطر ولا
المفطر على الصائم؛ خرّجه مالك والبخاريّ ومسلم. وروي عن عثمان بن أبي العاص الثَّقَفِيّ
وأنس بن مالك صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهما قالا: الصوم في السفر أفضل
لمن قدر عليه؛ وهو قول أبي حنيفة وأصحابه. وروي عن ٱبن عمر وٱبن عباس: الرخصة أفضل،
وقال به سعيد بن المسيّب والشعبي وعمر بن عبد العزيز ومجاهد وقتادة والأوزاعي وأحمد
وإسحٰق. كُّل هؤلاء يقولون الفطر أفضل؛ لقول الله تعالى: {يُرِيدُ ٱللَّهُ بِكُمُ ٱلْيُسْرَ
وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ ٱلْعُسْرَ}
.
الخامسة: قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ
مِّنْ أَيَّامٍ} في الكلام حذف؛ أي من يكن منكم
مريضاً أو مسافراً فأفطر فَلْيَقض. والجمهور من العلماء على أن أهل البلد إذا صاموا
تسعة وعشرين يوماً وفي البلد رجل مريض لم يَصِحّ فإنه يقضي تسعة وعشرين يوماً. وقال
قوم منهم الحسن بن صالح بن حَيّ: إنه يقضي شهراً بشهر من غير مراعاة عدد الأيام. قال
الكيَا الطَّبَرِي: وهذا بعيد؛ لقوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولم
يقل فشهر من أيام أخر. وقوله: «فَعِدَّةٌ» يقتضي ٱستيفاء عدد ما أفطر فيه، ولا شك أنه
لو أفطر بعض رمضان وجب قضاء ما أفطر بعده بعدده؛ وكذلك يجب أن يكون حكم إفطاره جميعه
في ٱعتبار عدده.
السادسة: قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ}
ٱرتفع «عِدّة» على خبر الابتداء، تقديره فالحكم
أو فالواجب عدّة، ويصحّ فعليه عدّة. وقال الكسائي: ويجوز فعدّةً؛ أي فليصم عدّة من
أيام. وقيل: المعنى فعليه صيام عدّة؛ فحذف المضاف وأقيمت العدّة مقامه. والعدّة فِعلة
من العدّ، وهي بمعنى المعدود؛ كالطِّحْن بمعنى المطحون، تقول: أسمعُ جَعْجَعَةً ولا
أرى طِحْناً. ومنه عدّة المرأة. {مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} لم ينصرف «أُخَرَ» عند سيبويه،
لأنها معدولة عن الألف واللام، لأن سبيل فُعَل من هذا الباب أن يأتي بالألف
واللاّم؛ نحو الكُبَر والفُضل. وقال الكسائي: هي معدولة عن آخر، كما تقول: حمراء وحمر؛
فلذلك لم تنصرف. وقيل: منعت من الصرف لأنها على وزن جُمَع وهي صفة لأيام؛ ولم تجىء
أخرى لئلا يشكل بأنها صفة للعدّة. وقيل: إن {أُخَرَ} جمع أخرى كأنه أيام أخرى ثم كثرت
فقيل: أيام أخر. وقيل: إن نعت الأيام يكون مؤنّثاً فلذلك نعتت بأخَر.
السابعة: اختلف الناس في وجوب تتابعها على قولين ذكرهما الدَّارَقُطنِي
في «سنته»؛ فروي عن عائشة رضي الله عنها قال: نزلت {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ
وَعَلَى} فسقطت «متتابعات» قال هذا إسناد صحيح. وروي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: «من كان عليه صومٌ من رمضان فليسرده ولا يقطعه» في إسناده عبد
الرحمن بن إبراهيم ضعيف الحديث. وأسنده عن ٱبن عباس في قضاء رمضان «صمه كيف شئت». وقال
ٱبن عمر: «صُمْه كما أفطرته». وأسند عن أبي عبيدة بن الجرّاح وٱبن عباس وأبي هريرة
ومعاذ بن جبل وعمرو بن العاص. وعن محمد بن المنكدر قال: بلغني أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم سئل عن تقطيع صيام رمضان فقال: «ذلك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دَين فقضى
الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاه فالله أحق أن يَعْفُوَ ويغفر». إسناده حسن إلا أنه مرسل
ولا يثبت متّصلاً. وفي مُوّطّأ مالك عن نافع أن عبد اللَّه بن عمر كان يقول: يصوم رمضان
متتابعاً من أفطره متتابعاً من مرض أو في سفر. قال الباجي في «المنتقى»: «يحتمل أن
يريد الإخبار عن الوجوب، ويحتمل أن يريد الإخبار عن الاستحباب؛ وعلى الاستحباب جمهور
الفقهاء. وإن فرّقه أجزأه؛ وبذلك قال مالك والشافعي. والدليل على صحة هذا قوله تعالى:
{فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} ولم يخصّ متفرقة من متتابعة، وإذا أتى بها متفرّقة
فقد صام عدّة من أيام أخر، فوجب أن يَجزيَه». ٱبن العربي: إنما وجب التتابع في الشهر
لكونه معيَّناً، وقد عدم التعيين في القضاء فجاز التفريق.
الثامنة: لما قال تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} دلّ ذلك على
وجوب القضاء من غير تعيين لزمان؛ لأن اللّفظ مسترسل على الأزمان لا يختصّ ببعضها دون
بعض
وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: يكون عليّ الصوم من رمضان
فما أستطيع أن أقضيَه إلا في شعبان، الشُّغْل من رسول الله، أو برسول الله صلى الله
عليه وسلم. في رواية: وذلك لمكان رسول الله صلى الله عليه وسلم. وهذا نصّ وزيادة بيان
للآية. وذلك يردّ على داود قوله: إنه يجب عليه قضاؤه ثاني شوّال. ومن لم يصمه ثم مات
فهو آثم عنده؛ وبنى عليه أنه لو وجب عليه عتق رقبة فوجد رقبة تباع بثمن فليس له أن
يتعدّاها ويشتري غيرها؛ لأن الفرض عليه أن يعتق أوّل رقبة يجدها فلا يجزيه غيرها. ولو
كانت عنده رقبة فلا يجوز له أن يشتري غيرها، ولو مات الذي عنده فلا يبطل العتق؛ كما
يبطل فيمن نذر أن يعتق رقبة بعينها فماتت يبطل نذره، وذلك يفسد قوله. وقال بعض الأصوليين:
إذا مات بعد مضي اليوم الثاني من شوّال لا يعصي على شرط العزم. والصحيح أنه غير آثم
ولا مفرّط، وهو قول الجمهور، غير أنه يستحب له تعجيل القضاء لئلا تدركه المنّية فيبقى
عليه الفرض.
طاه التاسعة: من كان عليه قضاء أيام من رمضان فمضت عليه عدّتها من الأيام
بعد الفطر أمكنه فيها صيامه فأخّر ذلك ثم جاءه مانع منعه من القضاء إلى رمضان آخر فلا
إطعام عليه؛ لأنه ليس بمفرّط حين فعل ما يجوز له من التأخير. هذا قول البغداديين من
المالكيين، ويَرَوْنه قول ٱبن القاسم في المدوّنة.
العاشرة: فإن أخّر قضاءه عن شعبان الذي هو غاية الزمان الذي يقضي فيه
رمضان فهل يلزمه لذلك كفارة أوْ لا؛ فقال مالك والشافعي وأحمد وإسحٰق: نعم. وقال أبو
حنيفة والحسن والنَّخَعِيّ وداود: لا.
قلت: وإلى هذا ذهب البخاريّ لقوله، ويذكر عن أبي هريرة مرسلاً وٱبن عباس
أنه يُطعِم، ولم يذكر الله الإطعام، إنما قال: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} .
قلت: قد جاء عن أبي هريرة مُسْنَداً فيمن فرّط في قضاء رمضان حتى أدركه
رمضان آخر قال: يصوم هذا مع الناس، ويصوم الذي فرّط فيه ويطعم لكل يوم مسكيناً. خرّجه
الدَّارَقُطْنِي وقال: إسناد صحيح. وروي عنه مرفوعاً إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم:
في رجل أفطر في شهر رمضان من مرض ثم صحّ ولم يصم حتى أدركه رمضان آخر قال: «يصوم الذي
أدركه ثم يصوم الشهر الذي أفطر فيه ويطعم لكل يوم مسكيناً». في إسناده ٱبن نافع وٱبن
وجيه ضعيفان.
الحادية عشرة: فإن تَمَادَى به المرض فلم يَصِحّ حتى جاء رمضان آخر؛ فروى
الدَّارَقُطْنِي عن ٱبن عمر أنه يطعم مكان كل يوم مسكيناً مُدًّا من
ثم ليس عليه قضاء. وروي أيضاً عن أبي هريرة أنه قال: إذا لم يَصِحّ بين
الرمضانين صام عن هذا وأطعم عن الثاني ولا قضاء عليه، وإذا صحّ فلم يَصُم حتى إذا أدركه
رمضان آخر صام عن هذا وأطعم عن الماضي؛ فإذا أفطر قضاه؛ إسناد صحيح. قال علماؤنا: وأقوال
الصحابة على خلاف القياس قد يحتج بها. ورُوي عن ٱبن عباس أن رجلاً جاء إليه فقال: مرضت
رمضانين؟ فقال له ٱبن عباس: استمرّ بك مرضك، أو صححت بينهما؟ فقال: بل صححت، قال: صُم
رمضانين وأطعم ستين مسكيناً. وهذا بدل من قوله: إنه لو تمادى به مرضه لا قضاء عليه.
وهذا يشبه مذهبهم في الحامل والمرضع أنهما يطعمان ولا قضاء عليهما؛ على ما يأتي.
الثانية عشرة: وٱختلف من أوجب عليه الإطعام في قدر ما يجب أن يطعم؛ فكان
أبو هريرة والقاسم بن محمد ومالك والشافعي يقولون: يُطعِم عن كل يوم مُدًّا وقال الثوري:
يُطعِم نصف صاع عن كل يوم.
الثالثة عشرة: وٱختلفوا فيمن أفطر أو جامع في قضاء رمضان ماذا يجب عليه؛
فقال مالك: من أفطر يوماً من قضاء رمضان ناسياً لم يكن عليه شيء غير قضائه، ويستحبّ
له أن يتمادى فيه للاختلاف ثم يقضيه، ولو أفطره عامداً أثم ولم يكن عليه غير قضاء ذلك
اليوم ولا يتمادى؛ لأنه لا معنى لكفّه عما يكفّ الصائم ها هنا إذ هو غير صائم عند جماعة
العلماء لإفطاره عامداً. وأما الكفارة فلا خلاف عند مالك وأصحابه أنها لا تجب في ذلك،
وهو قول جمهور العلماء. قال مالك: ليس على من أفطر يوماً من قضاء رمضان بإصابة أهله
أو غير ذلك كفارة، وإنما عليه قضاء ذلك اليوم. وقال قتادة: على مَن جامع في قضاء رمضان
القضاء والكفارة. وروى ٱبن القاسم عن مالك أن من أفطر في قضاء رمضان فعليه يومان؛ وكان
ٱبن القاسم يُفتي به ثم رجع عنه ثم قال: إن أفطر عمداً في قضاء القضاء كان عليه مكانه
صيام يومين؛ كمن أفسد حجّة بإصابة أهله، وحجّ قابلاً فأفسد حجّة أيضاً بإصابة أهله
كان عليه حجتان. قال أبو عمر: قد خالفه في الحج ٱبن وهب وعبد الملك، وليس يجب القياس
على أصل مختلَف فيه. والصواب عندي والله أعلم أنه ليس عليه في الوجهين إلا قضاء يوم
واحد؛ لأنه يوم واحد أفسده مرتين.
قلت: وهو مقتضى قوله تعالى: {فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} فمتى أتى
بيوم تام بدلاً عما أفطره في قضاء رمضان فقد أتى بالواجب عليه، ولا يجب عليه غير ذلك،
والله أعلم
الرابعة عشرة: والجمهور على أن من أفطر في رمضان لعلّة فمات من علّته
تلك، أو سافر فمات في سفره ذلك أنه لا شيء عليه. وقال طاوس وقتادة في المريض يموت قبل
أن يَصحّ: يُطَعم عنه.
الخامسة عشرة: وٱختلفوا فيمن مات وعليه صومٌ من رمضان لم يقضه؛ فقال مالك
والشافعيّ والثوري: لا يصوم أحد عن أحد. وقال أحمد وإسحٰق وابو نور والليث وأبو عبيد
وأهل الظاهر. يُصام عنه، إلا أنهم خصّصوه بالنذر؛ وروى مثله عن الشافعي وقال أحمد وإسحاق
في قضاء رمضان: يُطعَم عنه. ٱحتج من قال بالصوم بما رواه مسلم عن عائشة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: «من مات وعليه صيام صام عنه وَلِيّه». إلا أن هذا عامّ في
الصوم، يخصّصه ما رواه مسلم أيضاً عن ٱبن عباس قال: جاءت ٱمرأة إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فقالت: يا رسول الله، إن أمي قد ماتت وعليها صوم نذر وفي رواية صوم شهر أفأصوم
عنها؟ قال: «أرأيتِ لو كان على أمّك دَيْنٌ فقضيتيه أكان يؤدّى ذلك عنها» قالت: نعم،
قال: «فصومي عن أمّك». ٱحتج مالك ومن وافقه بقوله سبحانه: {وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةٌ
وِزْرَ أُخْرَىٰ} وقوله: {وَأَن لَّيْسَ لِلإِنسَانِ إِلاَّ مَا سَعَىٰ} وقوله: {وَلاَ
تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلاَّ عَلَيْهَا} وبما خرّجه النسائي عن ٱبن عباس، عن النبيّ
صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا يصلِّي أحد عن أحد ولا يصوم أحد عن أحد ولكن يُطعم
عنه مكان كل يوم مُداًّ من حنطة».
قلت: وهذا الحديث عام، فيحتمل أن يكون المراد بقوله: «لا يصوم أحد عن
أحد» صوم رمضان. فأما صوم النذر فيجوز؛ بدليل حديث ٱبن عباس وغيره، فقد جاء في صحيح
مسلم أيضاً من حديث بُريدة نحو حديث ٱبن عباس، وفي بعض طرقه: صوم شهرين أفأصوم عنها؟
قال: «صومي عنها» قالت: إنها لم تَحُجّ قط أفأحُجّ عنها؟ قال: «حُجِّي عنها» فقولها:
شهرين، يبعد أن يكون رمضان، والله أعلم. وأقوى ما يحتّج به لمالك أنه عمل أهل المدينة،
ويعْضُده القياس الجليّ، وهو أنه عبادة بدنية لا مدخل للمال فيها فلا تفعل عمن وجبت
عليه كالصلاة. ولا ينقض هذا بالحج لأن للمال فيه مدخلا.
السادسة عشرة: ٱستدلّ بهذه الآية من قال: إن الصوم لا ينعقد في السفر
وعليه القضاء أبداً؛ فإن الله تعالى يقول: {فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ
سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ} أي فعليه عدّة،
ولا حذف في الكلام ولا إضمار. (وبقوله عليه الصلاة والسلام: «ليس من البِرّ
الصيام في السفر» قال: ما لم يكن من البِرّ فهو من الإثم، فيدل ذلك على أن صوم رمضان
لا يجوز في السفر). والجمهور يقولون: فيه محذوف فأفطر؛ كما تقدّم. وهو الصحيح، لحديث
أنس قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان فلم يَعِب الصائم على المفطر
ولا المفطر على الصائم؛ رواه مالك عن حُميد الطويل عن أنس. وأخرجه مسلم عن أبي سعيد
الخدريّ قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لِستّ عشرة مضت من رمضان فمِنّا
من صام ومنا من أفطر، فلم يَعِب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم
2.Menurut Ibnu Katsir
{ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ
أُخَرَ} أي المريض والمسافر لا يصومان في حال المرض والسفر، لما في ذلك من المشقة عليهما
بل يفطران ويقضيان بعد ذلك من أيام أخر، وأما الصحيح المقيم الذي يطيق الصيام فقد كان
مخيراً بين الصيام وبين الإطعام، إن شاء صام وإن شاء أفطر وأطعم عن كل يوم مسكيناً،
فإن أطعم أكثر من مسكين عن كل يوم فهو خير، وإن صام فهو أفضل من الإطعام، قاله ابن
مسعود وابن عباس ومجاهد وطاوس ومقاتل بن حيان وغيرهم من السلف، ولهذا قال تعالى: {
وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْرًا
فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ} .
وقال الإمام أحمد: حدثنا أبو النضر، حدثنا المسعودي حدثنا عمرو بن مرة
عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل رضي الله عنه، قال: أحيلت الصلاة ثلاثة أحوال،
وأحيل الصيام ثلاثة أحوال، فأما أحوال الصلاة فإن النبي صلى الله عليه وسلم،
قدم المدينة وهو يصلي سبعة عشر شهراً إلى بيت المقدس، ثم إن الله عز وجل
أنزل عليه: { قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي ٱلسَّمَآءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً
تَرْضَاهَا} الآية، فوجهه الله إلى مكة هذا حول، قال: وكانوا يجتمعون للصلاة ويؤذن
بها بعضهم بعضاً، حتى نقسوا أو كادوا ينقسون، ثم إن رجلاً من الأنصار يقال له عبد الله
بن زيد بن عبد ربه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يارسول الله، إني رأيت فيما
يرى النائم، ولو قلت إني لم أكن نائماً لصدقت، إني بينا أنا بين النائم واليقظان إذا
رأيت شخصاً عليه ثوبان أخضران فاستقبل القبلة، فقال: الله أكبر الله أكبر، أشهد أن
لا إله إلا الله مثنى حتى فرغ من الأذان، ثم أمهل ساعة ثم قال مثل الذي قال غير أنه
يزيد في ذلك قد قامت الصلاة مرتين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «علمها بلالاً
فليؤذن بها» فكان بلال أول من أذن بها، قال: وجاء عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال:
يارسول الله، قد طاف بي مثل الذي طاف به، غير أنه سبقني فهذان حالان، قال: وكانوا يأتون
الصلاة وقد سبقهم النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها، فكان الرجل يشير إلى الرجل إذن
كم صلى ؟ فيقول: واحدة أو اثنتين فيصليهما، ثم يدخل مع القوم في صلاتهم، قال: فجاء
معاذ فقال: لا أجده على حال أبداً إلا كنت عليها، ثم قضيت ما سبقني، قال: فجاء وقد
سبقه النبي صلى الله عليه وسلم ببعضها، قال: فثبت معه فلما قضى رسول الله صلى الله
عليه وسلم قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنه قد سن لكم معاذ فهكذا
فاصنعوه» فهذه ثلاثة أحوال، وأما أحوال الصيام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قدم
المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصام عاشوراء، ثم إن الله فرض عليه الصيام،
وأنزل الله تعالى: { رَّحِيمٌ * يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ
ٱلصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ} إلى قوله { وَعَلَى ٱلَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا، فأجزأ
ذلك عنه، ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى { شَهْرُ رَمَضَانَ ٱلَّذِىۤ أُنزِلَ
فِيهِ ٱلْقُرْءانُ} إلى قوله { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} فأثبت
الله صيامه على المقيم الصحيح،
ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لايستطيع الصيام،
فهذان حالان، قال: وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا،
ثم إن رجلاً من الأنصار يقال له صرمة، كان يعمل صائماً حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى
العشاء ثم نام، فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائماً، فرآه رسول الله وقد جهد جهداً
شديداً، فقال «ما لي أراك قد جهدت جهداً شديداً ؟» قال: يارسول الله، إني عملت أمس
فجئت حين جئت، فألقيت نفسي فنمت، فأصبحت صائماً، قال: وكان عمر قد أصاب من النساء بعد
ما نام فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فأنزل الله عز وجل: {®®® أُحِلَّ
لَكُمْ لَيْلَةَ ٱلصّيَامِ ٱلرَّفَثُ إِلَىٰ نِسَائِكُمْ إِلَىٰ قَوْلُهُ ثُمَّ أَتِمُّواْ
ٱلصّيَامَ إِلَى ٱلَّيْلِ} وأخرجه أبو داود في سننه، والحاكم في مستدركه من حديث المسعودي
به، وقد أخرجه البخاري ومسلم من حديث الزهري عن عروة عن عائشة أنها قالت: كان عاشوراء
يصام، فما نزل فرض رمضان، كان من شاء صام ومن شاء أفطر، وروى البخاري عن ابن عمر وابن
مسعود مثله.
وقوله تعالى: { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}
كما قال معاذ رضي الله عنه: كان في ابتداء الأمر من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم عن
كل يوم مسكيناً، وهكذا روى البخاري عن سلمة بن الأكوع أنه قال لما نزلت { وَعَلَى ٱلَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} : كان من أراد أن يفطر يفادي حتى نزلت الآية
التي بعدها فنسختها، وروي أيضاً من حديث عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال: هي منسوخة،
وقال السدي عن مرة عن عبد الله، قال لما نزلت هذه الآية { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} قال: يقول { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ} أي يتجشمونه،
قال عبد الله: فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً { فَمَن تَطَوَّعَ} يقول:
أطعم مسكيناً آخر { فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ} فكانوا كذلك
حتى نسختها { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} وقال البخاري أيضاً
أخبرنا إسحاق، حدثنا روح، حدثنا زكريا بن إسحاق، حدثنا عمرو بن دينار
عن عطاء: سمع ابن عباس: يقرأ { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}
قال ابن عباس: ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة يستطيعان أن يصوما فيطعمان
مكان كل يوم مسكيناً، وهكذا روى غير واحد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه، وقال أبو
بكر بن أبي شيبة: حدثنا عبد الرحيم بن سليمان عن أشعث بن سوار، عن عكرمة عن ابن عباس،
قال: نزلت هذه الآية { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ}
في الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم، ثم ضعف فرخص له أن يطعم مكان كل يوم مسكيناً،
وقال الحافظ أبو بكر بن مردويه: حدثنا محمد بن أحمد، حدثنا الحسين بن بهرام المخزومي،
حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد بن عبد الله عن ابن أبي ليلى، قال: دخلت على عطاء في
رمضان وهو يأكل، فقال: قال ابن عباس: نزلت هذه الآية { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ} فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكيناً ثم نسخت الأولى
إلى الكبير الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكيناً وأفطر فحاصل الأمر أن النسخ ثابت
في حق الصحيح المقيم بإيجاب الصيام عليه بقوله { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}
وأما الشيخ الفاني الهرم الذي لا يستطيع الصيام، فله أن يفطر ولاقضاء عليه، لأنه ليست
له حال يصير إليها يتمكن فيها من القضاء، ولكن هل يجب عليه إذا أفطر أن يطعم عن كل
يوم مسكيناً إذا كان ذا جدة ؟ فيه قولان للعلماء: أحدهما لا يجب عليه إطعام لأنه ضعيف
عنه لسنه، فلم يجب عليه فدية كالصبي، لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها وهو أحد قولي
الشافعي: والثاني، وهو الصحيح وعليه أكثر العلماء، أنه يجب عليه فدية عن كل يوم، كما
فسره ابن عباس وغيره من السلف على قراءة من قرأ { وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ}
أي يتجشمونه، كما قاله ابن مسعود وغيره، هو اختيار البخاري فإنه قال: وأما الشيخ الكبير
إذا لم يطق الصيام، فقد أطعم أنس بعد ما كبر عاماً أو عامين عن كل يوم،
مسكيناً، خبزاً ولحماً وأفطر، وهذا الذي علقه البخاري قد أسنده الحافظ
أبو يعلى الموصلي في مسنده فقال: حدثنا عبد الله بن معاذ، حدثنا أبي، حدثنا عمران عن
أيوب بن أبي تميمة، قال: ضعف أنس بن مالك عن الصوم، فصنع جفنة من ثريد، فدعا ثلاثين
مسكيناً فأطعمهم، ورواه عبد بن حميد عن روح بن عبادة، عن عمران وهو ابن حُدير، عن أيوب
به. ورواه عبد أيضاً من حديث ستة من أصحاب أنس عن أنس بمعناه، ومما يلتحق بهذا المعنى
الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولديهما، ففيهما خلاف كثير بين العلماء، فمنهم
من قال: يفطران ويفديان ويقضيان، وقيل: يفديان فقط ولا قضاء، وقيل يجب القضاء بلا فدية،
وقيل: يفطران ولا فدية ولاقضاء، وقد بسطنا هذه المسألة مستقصاة في كتاب الصيام الذي
أفردناه، و لله الحمد والمنة
3.Menurut ulama Thabari
77 2 القول في تأويل قوله تعالى:
{أَيَّاماً مَّعْدُودَاتٍ فَمَن كَانَ مِنكُم مَّرِيضاً أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى ٱلَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ
مِسْكِينٍ فَمَن تَطَوَّعَ خَيْراً فَهُوَ خَيْرٌ لَّهُ وَأَن تَصُومُواْ خَيْرٌ لَّكُمْ
إِن كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}
يعني تعالى ذكره: كتب عليكم أيها الذين آمنوا الصيام أياما معدودات. ونصب
«أياما» بمضمر من الفعل، كأنه قيل: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم أن
تصوموا أياما معدودات، كما يقال: أعجبني الضرب زيدا وقوله: كمَا كُتِبَ على الَّذِينَ
مِنْ قَبْلِكُمْ من الصيام، كأنه قيل: كتب عليكم الذي هو مثل الذي كتب على الذين من
قبلكم أن تصوموا أياما معدودات.
ثم اختلف أهل التأويل فيما عنى الله جل وعز بقوله: أيَّاما مَعْدُودَاتٍ
فقال بعضهم: الأيام المعدودات: صوم ثلاثة أيام من كل شهر. قال: وكان ذلك الذي فرض على
الناس من الصيام قبل أن يفرض عليهم شهر رمضان. ذكر من قال ذلك:
حدثنا المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن
عطاء، قال: كان عليهم الصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولم يسمّ الشهر أياما معدودات،
قال: وكان هذا صيام الناس قبل ثم فرض الله عز وجل على الناس شهر رمضان.
حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي،
عن أبيه، عن ابن عباس قوله: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيامُ
كمَا كُتِبَ على الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ وكان ثلاثة أيام
من كل شهر، ثم نسخ ذلك بالذي أنزل من صيام رمضان، فهذا الصوم الأول من العتمة.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله
بن عتبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل: أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم أنزل الله
جل وعز فرض شهر رمضان، فأنزل الله: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكم الصّيامُ
كمَا كُتِبَ على الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ حتى بلغ: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِينٍ.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرناعبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة،
قال: قد كتب الله تعالى ذكره على الناس قبل أن ينزل رمضان صوم ثلاثة أيام
من كل شهر.
وقال آخرون: بل الأيام الثلاثة التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم
يصومها قبل أن يفرض رمضان كان تطوّعا صومهن، وإنما عنى الله جل وعز بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ
الصّيامُ كمَا كُتِبَ على الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ... أيَّاما مَعْدُوداتٍ أيام شهر
رمضان، لا الأيام التي كان يصومهن قبل وجوب فرض صوم شهر رمضان. ذكر من قال ذلك:
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر عن شعبة، عن عمرو بن مرة
قال: ثنا أصحابنا: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة
أيام من كل شهر تطوّعا لا فريضة قال: ثم نزل صيام رمضان قال أبو موسى: قوله قال عمرو
بن مرة، حدثنا أصحابنا، يريد ابن أبي ليلى، كان ابن أبي ليلى القائل حدثنا أصحابنا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت عمرو
بن مرة، قال: سمعت ابن أبي ليلى، فذكر نحوه.
وقد ذكرنا قوله من قال: عنى بقوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيامُ كمَا كُتِبَ
على الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ شهر رمضان.
وأولى ذلك بالصواب عندي قول من قال: عنى الله جل ثناؤه بقوله: أيَّاما
مَعْدُودَاتٍ أيام شهر رمضان، وذلك أنه لم يأت خبر تقوم به حجة بأن صوما فرض على أهل
الإسلام غير صوم شهر رمضان، ثم نسخ بصوم شهر رمضان، وأن الله تعالى قد بين في سياق
الآية أن الصيام الذي أوجبه جل ثناؤه علينا هو صيام شهر رمضان دون غيره من الأوقات
بإبانته، عن الأيام التي أخبر أنه كتب علينا صومها بقوله: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي
أُنْزِلَ فِيهِ القُرآنُ فمن ادعى أن صوما كان قد لزم المسلمين فرضه غير صوم شهر رمضان
الذين هم مجمعون على وجوب فرض صومه ثم نسخ ذلك سئل البرهان على ذلك من خبر تقوم به
حجة، إذ كان لا يعلم ذلك إلا بخبر يقطع العذر. وإذ كان الأمر في ذلك على ما وصفنا للذي
بينا، فتأويل الآية: كتب عليكم أيها المؤمنون الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم
تتقون أياما معدودات، هي شهر رمضان.
وجائز أيضا أن يكون معناه: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ: كتب عليكم شهر
رمضان.
وأما المعدودات: فهي التي تعد مبالغها وساعات أوقاتها، ويعني بقوله معدودات:
محصيات.
القول في تأويل قوله تعالى: فَمَنْ كانَ مِنْكُمْ مَرِيضا أوْ على سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ، وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ.
يعني بقوله جل ثناؤه: من كان منكم مريضا ممن كلف صومه أو كان صحيحا غير
مريض وكان على سفر فعدة من أيام أخر. يقول: فعليه صوم عدّة الأيام التي أفطرها في مرضه
أو في سفره من أيام أخر، يعني من أيام أخر غير أيام مرضه أو سفره. والرفع في قوله:
فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر نظير الرفع في قوله: فاتِّباعٌ بالمَعْرُوفِ وقد مضى
بيان ذلك هنالك بما أغنى عن إعادته.
وأما قوله:وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامِ مِسْكِين فإن
قراءة كافة المسلمين: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ وعلى ذلك خطوط مصاحفهم، وهي القراءة
التي لا يجوز لأحد من أهل الإسلام خلافها لنقل جميعهم تصويب ذلك قرنا عن قرن. وكان
ابن عباس يقرؤها فيما رُوِي عنه: «وعلى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ».
ثم اختلف قرّاء ذلك: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ في معناه، فقال بعضهم:
كان ذلك في أوّل ما فرض الصوم، وكان من أطاقه من المقيمين صامه إن شاء، وإن شاء أفطره
وافتدى، فأطعم لكل يوم أفطره مسكينا حتى نسخ ذلك. ذكر من قال ذلك:
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس بن بكير، قال: ثنا عبد الرحمن بن عبد الله
بن عتبة، عن عمرو بن مرة، عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، عن معاذ بن جبل قال: «إن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة، فصام يوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر، ثم
إن الله جل وعز فرض شهر رمضان، فأنزل الله تعالى ذكره: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا
كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيامُ حتى بلغ: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ
مِسْكِين فكان من شاء صام، ومن شاء أفطر وأطعم مسكينا. ثم إن الله عز وجل أوجب الصيام
على الصحيح المقيم وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصوم، فأنزل الله عز وجل: فَمَنْ
شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَرِيضا أوْ على سَفَرٍ... إلى
آخر الآية».
حدثنا محمد بن المثنى، قال: ثنا محمد بن جعفر، عن شعبة، عن عمرو بن مرة،
قال: حدثنا أصحابنا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم عليهم أمرهم بصيام ثلاثة
أيام من كل شهر تطوعا غير فريضة، قال: ثم نزل صيام رمضان، قال: وكانوا قوما لم يتعوّدوا
الصيام، قال: وكان يشتدّ عليهم الصوم، قال: فكان من لم يصم أطعم مسكينا، ثم نزلت هذه
الآية:فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَريضا أوْ على سَفَرٍ
فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ فكانت الرخصة للمريض والمسافر، وأمرنا با
قال محمد بن المثنى: قوله قال عمرو، حدثنا أصحابنا: يريد ابن أبي ليلى،
كأن ابن أبي ليلى القائل حدثنا أصحابنا.
حدثنا ابن المثنى، قال: ثنا أبو داود، قال: ثنا شعبة، قال: سمعت عمرو
بن مرة، قال: سمعت ابن أبي ليلى فذكر نحوه.
حدثنا ابن حميد،قال: ثنا جرير، عن منصور، عن إبراهيم، عن علقمة في قوله:
وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: كان من شاء صام، ومن شاء
أفطر وأطعم نصف صاع مسكينا، فنسخها شَهْرُ رَمَضَانَ إلى قوله: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم بنحوه، وزاد فيه
قال: فنسختها هذه الآية، وصارت الآية الأولى للشيخ الذي لا يستطيع الصوم يتصدّق مكان
كل يوم على مسكين نصف صاع.
حدثنا ابن حميد، قال: ثنا يحيى بن واضح أبو تميلة، قال: ثنا الحسين، عن
يزيد النحوي، عن عكرمة والحسن البصري قوله: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام
مِسْكِين فكان من شاء منهم أن يصوم صام، ومن شاء منهم أن يفتدي بطعام مسكين افتدى وتمّ
له صومه. ثم قال: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ثم استثنى من ذلك فقال:
وَمَنْ كانَ مَريضا أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر.
حدثنا أبو هشام الرفاعي، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سألت الأعمش عن قوله:
وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين فحدثنا عن إبراهيم عن علقمة،
قال: نسختها: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
حدثنا عمر بن المثنى، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا عبد الله، عن نافع،
عن ابن عمر، قال: نسخت هذه الآية يعني: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام
مِسْكِين التي بعدها: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَريضا
أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، قال: سمعت الأعمش، عن إبراهيم، عن
علقمة في قوله: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين قال: نسختها:
فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
حدثنا الوليد بن شجاع أبو همام، قال: ثنا عليّ بن مسهر، عن عاصم، عن الشعبي
قال: نزلت هذه الآية: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين كان الرجل
يفطر فيتصدّق عن كل يوم على مسكين طعاما، ثم نزلت هذه الآية:
فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَريضا أوْ
على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر.
حدثنا هناد بن السريّ، قال: ثنا عليّ بن مسهر، عن عاصم، عن الشعبي، قال:
نزلت هذه الآية للناس عامة: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين
وكان الرجل يفطر ويتصدّق بطعامه على مسكين، ثم نزلت هذه الآية: وَمَنْ كانَ مَريضا
أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ قال: فلم تنزل الرخصة إلا للمريض والمسافر.
حدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن ابن أبي ليلى، قال: دخلت على عطاء وهو
يأكل في شهر رمضان فقال: إني شيخ كبير إن الصوم نزل، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر
وأطعم مسكينا، حتى نزلت هذه الآية: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ
كانَ مَريضا أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر فوجب الصوم على كل أحد إلا
مريض أو مسافر أو شيخ كبير مثلي يفتدي.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: أخبرني يونس
عن ابن شهاب، قال: قال الله: يا أيُّها الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيامُ
كمَا كُتِبَ على الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ قال ابن شهاب: كتب الله الصيام علينا، فكان
من شاء افتدى ممن يطيق الصيام من صحيح أو مريض أو مسافر، ولم يكن عليه غير ذلك. فلما
أوجب الله على من شهد الشهر الصيام، فمن كان صحيحا يطيقه وضع عنه الفدية، وكان من كان
على سفر أو كان مريضا فعدة من أيام أخر. قال: وبقيت الفدية التي كانت تقبل قبل ذلك
للكبير الذي لا يطيق الصيام، والذي يعرض له العطش أو العلة التي لا يستطيع معها الصيام.
حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي،
عن أبيه، عن ابن عباس، قال: جعل الله في الصوم الأول فدية طعام مسكين، فمن شاء من مسافر
أو مقيم أن يطعم مسكينا ويفطر كان ذلك رخصة له، فأنزل الله في الصوم الآخر: فَعِدَّةٌ
مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ ولم يذكر الله في الصوم الآخر فدية طعام مسكين، فنسخت الفدية،
وثبت في الصوم الآخر: يُريدُ اللَّهُ بِكُمُ اليُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ العُسْرَ
وهو الإفطار في السفر، وجعله عدة من أيام أخر.
حدثني أحمد بن عبد الرحمن بن وهب، قال: أخبرني عمي عبد الله بن وهب، قال:
أخبرني عمرو بن الحرث، قال بكر بن عبد الله، عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع،
عن سلمة بن الأكوع أنه قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم
من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى بطعام مسكين، حتى أنزلت: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عاصم الأحول،
عن الشعبي في قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين قال: كانت
الناس كلهم، فلما نزلت: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ أمروا بالصوم
والقضاء، فقال: وَمَنْ كانَ مَريضا أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر.
حدثنا هناد، قال: ثنا عليّ بن مسهر، عن الأعمش، عن إبراهيم في قوله: وَعلى
الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين قال: نسختها الآية التي بعدها: وأنْ
تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُون.
حدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن محمد بن سليمان، عن ابن سيرين، عن عبيدة:
وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: نسختها الآية التي تليها:
فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ.
حدثت عن الحسين بن الفرج، قال: ثنا الفضل بن خالد، قال: ثنا عبيد بن سليمان،
عن الضحاك قوله: كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصّيامُ الآية، فرض الصوم من العتمة إلى مثلها
من القابلة، فإذا صلى الرجل العتمة حرم عليه الطعام والجماع إلى مثلها من القابلة،
ثم نزل الصوم الآخر بإحلال الطعام والجماع بالليل كله، وهو قوله: وكُلُوا وَاشرَبُوا
حَّتى يتبَيَّنَ لَكُمُ الخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الخَيْطِ الأسْوَدِ إلى قوله: ثُمَّ
أتمَّوا الصّيامَ إلى اللَّيْلِ وأحلّ الجماع أيضا فقال: أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصّيامِ
الرَّفَثُ إلى نِساِئكُمْ وكان في الصوم الأول الفدية، فمن شاء من مسافر أو مقيم أن
يطعم مسكينا ويفطر فعل ذلك، ولم يذكر الله تعالى ذكره في الصوم الآخر الفدية، وقال:
فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَرَ فنسخ هذا الصوم الآخر الفدية.
وقال آخرون: بل كان قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ
مِسْكِين حكما خاصا للشيخ الكبير والعجوز اللذين يطيقان الصوم كان مرخصا لهما أن يفديا
صومهما بإطعام مسكين ويفطرا، ثم نسخ ذلك بقوله: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ
فلزمهما من الصوم مثل الذي لزم الشاب إلا أن يعجزا عن الصوم فيكون ذلك الحكم الذي كان
لهما قبل النسخ ثابتا لهما حينئذ بحاله. ذكر من قال ذلك:
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة،
عن عروة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: كان الشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما
يطيقان الصوم رخص لهما أن يفطرا إن شاءا ويطعما لكل يوم مسكينا، ثم نسخ ذلك بعد ذلك:
فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كانَ مَريضا أوْ على سَفَرٍ فَعِدَّةٌ
مِنْ أيَّامٍ أُخَر وثبت للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة إذا كانا لا يطيقان الصوم، وللحبلى
والمرضع إذا خافتا.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن سعيد، عن قتادة،
عن عروة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ قال: الشيخ الكبير
والعجوز الكبيرة، ثم ذكر مثل حديث بشر عن يزيد.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا معاذ بن هشام، قال: حدثني أبي، عن قتادة،
عن عكرمة، قال: كان الشيخ والعجوز لهما الرخصة أن يفطرا ويطعما بقوله: وَعلى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: فكانت لهم الرخصة، ثم نسخت بهذه الآية:
فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فنسخت الرخصة عن الشيخ والعجوز إذا كانا
يطيقان الصوم، وبقيت الحامل والمرضع أن يفطرا ويطعما.
حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج بن المنهال، قال: ثنا همام بن يحيى، قال:
سمعت قتادة يقول في قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال:
كان فيها رخصة للشيخ الكبير والعجوز الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يطعما مكان كل يوم
مسكينا ويفطرا، ثم نسخ ذلك بالآية التي بعدها فقال: شَهْرُ رَمَضَانَ إلى قوله: فَعِدَّةٌ
مِنْ أيَّامٍ أُخَر فنسختها هذه الآية. فكان أهل العلم يرون ويرجون الرخصة تثبت للشيخ
الكبير والعجوز الكبيرة إذا لم يطيقا الصوم أن يفطرا ويطعما عن كل يوم مسكينا، وللحبلى
إذا خشيت على ما في بطنها، وللمرضع إذا ما خشيت على ولدها.
حدثت عن عمار بن الحسن، قال: ثنا ابن أبي جعفر، عن أبيه، عن الربيع في
قوله:وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين فكان الشيخ والعجوز يطيقان
صوم رمضان، فأحلّ الله لهما أن يفطراه إن أرادا ذلك، وعليهما الفدية لكل يوم يفطرانه
طعام مسكين، فأنزل الله بعد ذلك: شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ القُرآنُ
إلى قوله: فَعِدَّةٌ مِنْ أيَّامٍ أُخَر.
وقال آخرون ممن قرأ ذلك: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ لم ينسخ ذلك ولا
شيء منه،
وهو حكم مثبت من لدن نزلت هذه الآية إلى قيام الساعة. وقالوا: إنما تأويل
ذلك: على الذين يطيقونه وفي حال شبابهم وحداثتهم، وفي حال صحتهم وقوتهم إذا مرضوا وكبروا
فعجزوا من الكبر عن الصوم فدية طعام مسكين لا أن القوم كان رخص لهم في الإفطار وهم
على الصوم قادرون إذا افتدوا. ذكر من قال ذلك:
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين قال: أما الذين يطيقونه فالرجل
كان يطيقه وقد صام قبل ذلك ثم يعرض له الوجع أو العطش أو المرض الطويل، أو المرأة المرضع
لا تستطيع أن تصوم فإن أولئك عليهم مكان كل يوم إطعام مسكين، فإن أطعم مسكينا فهو خير
له، ومن تكلف الصيام فصامه فهو خير له.
حدثنا هناد، قال: ثنا عبدة، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة عن عروة،
عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال: إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في
رمضان، قال: يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينا ولا يقضيان صوما.
حدثنا هناد، قال: ثنا عبدة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس، أنه رأى أمّ
ولد له حاملاً أو مرضعا، فقال: أنت بمنزلة الذي لا يطيقه، عليك أن تطعمي مكان كل يوم
مسكينا ولا قضاء عليك.
حدثنا هناد، قال: ثنا عبدة، عن سعيد، عن نافع، عن عليّ بن ثابت، عن ابن
عمر مثل قول ابن عباس في الحامل والمرضع.
حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر
لنا أن ابن عباس قال لأم ولد له حبلى أو مرضع: أنت بمنزلة الذين لا يطيقونه، عليك الفداء
ولا صوم عليك. هذا إذا خافت على نفسها.
حدثني محمد بن سعد، قال: حدثني أبي، قال: حدثني عمي، قال: حدثني أبي،
عن أبيه، عن ابن عباس قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين
هو الشيخ الكبير كان يطيق صوم شهر رمضان وهو شاب فكبر، وهو لا يستطيع صومه فليتصدّق
على مسكين واحد لكل يوم أفطره حين يفطر وحين يتسحر.
حدثنا هناد، قال: حدثنا عبدة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس نحوه،
غير أنه لم يقل حين يفطر وحين يتسحر.
حدثنا هناد، قال: ثنا حاتم بن إسماعيل، عن عبد الرحمن بن حرملة، عن سعيد
بن المسيب أنه قال: في قول الله تعالى ذكره: فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: هو الكبير
الذي كان يصوم فكبر وعجز عنه، وهي الحامل التي ليس عليها الصيام. فعلى كل واحد منهما
طعام مسكين،
مدّ من حنطة لكل يوم حتى يمضي رمضان.
وقرأ ذلك آخرون: «وَعلى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين»
وقالوا: إنه الشيخ الكبير والمرأة العجوز اللذان قد كبرا عن الصوم، فهما يكلفان الصوم
ولا يطيقانه، فلهما أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم أفطراه مسكينا. وقالوا: الآية ثابتة
الحكم منذ أنزلت لم تنسخ، وأنكروا قول من قال إنها منسوخة. ذكر من قال ذلك:
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، ثنا ابن جريج، عن عطاء، عن ابن
عباس أنه كان يقرؤها: «يُطَوّقُونَه».
حدثنا هناد، قال: ثنا عليّ بن مسهر، عن عصام، عن عكرمة، عن ابن عباس أنه
كان يقرأ: «وَعلى الَّذِينَ يُطَوَّقونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين». قال: فكان يقول:
هي للناس اليوم قائمة.
حدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس
أنه كان يقرؤها: «وعلى الَّذِينَ يُطَوَّقونه فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين» قال: وكان يقول
هي للناس اليوم قائمة.
حدثنا هناد، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس
أنه كان يقرؤها: «وعلى الَّذِينَ يُطَوَّقونه» ويقول: هو الشيخ الكبير يفطر ويطعم عنه.
حدثنا محمد بن بشار، قال: ثنا عبد الوهاب، قال: ثنا أيوب، عن عكرمة أنه
قال في هذه الآية: «وعلى الَّذِينَ يُطَوّقُونَهُ» وكذلك كان يقرؤها: أنها ليست منسوخة
كلف الشيخ الكبير أن يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا.
حدثنا ابن بشار، قال: ثنا محمد بن جعفر، قال: ثنا شعبة، عن أبي بشر، عن
سعيد بن جبير أنه قرأ: «وعلى الَّذِينَ يُطَوّقُونَهُ».
حدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن عمران بن حدير، عن عكرمة، قال: الذين يطيقونه
يصومونه ولكن الذين يطوّقونه يعجزون عنه.
حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج،
قال: حدثني محمد بن عباد بن جعفر، عن أبي عمرو مولى عائشة أن عائشة كانت تقرأ: «يُطَوّقُونَه».
حدثنا الحسن، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا ابن جريج، عن عطاء
أنه كان يقرؤها: «يُطَوّقُونَه» قال ابن جريج: وكان مجاهد يقرؤها كذلك.
حدثنا حميد بن مسعدة، قال: ثنا بشر بن المفضل، قال: ثنا خالد، عن عكرمة:
«وَعلى الَّذِينَ يُطيقُونَهُ» قال: قال ابن عباس: هو الشيخ الكبير.
حدثنا إسماعيل بن موسى السدي، قال: أخبرنا شريك، عن سالم، عن سعيد بن
جبير،
عن ابن عباس: «وَعلى الَّذِينَ يُطَوَّقُونَهُ» قال: يتجشمونه، يتكلفونه.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا ابن إدريس، عن مسلم الملائي، عن مجاهد، عن ابن
عباس في قوله: «وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين» قال: الشيخ
الكبير الذي لا يطيق فيفطر ويطعم كل يوم مسكينا.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح،
عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس في قول الله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ قال: يكلفونه،
فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين واحد، قال: فهذه آية منسوخة لا يرخص فيها إلا للكبير الذي
لا يطيق الصيام، أو مريض يعلم أنه لا يشفى.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن
عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس، قال: الَّذِينَ يُطيقُونَهُ يتكفلونه فِدْيَةٌ
طَعامُ مِسْكِين واحد، ولم يرخص هذا إلا للشيخ الذي لا يطيق الصوم، أو المريض الذي
يعلم أنه لا يشفى هذا عن مجاهد.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن
مجاهد، عن ابن عباس أنه كان يقول: ليست بمنسوخة.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني معاوية، عن عليّ بن أبي
طلحة، عن ابن عباس في قوله: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين يقول:
من لم يطق الصوم إلا على جهد فله أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينا، والحامل والمرضع والشيخ
الكبير والذي به سقم دائم.
حدثنا هناد، قال: ثنا عبيدة، عن منصور، عن مجاهد، عن ابن عباس في قول
الله تعالى ذكره: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: هو الشيخ
الكبير والمرء الذي كان يصوم في شبابه، فلما كبر عجز عن الصوم قبل أن يموت، فهو يطعم
كل يوم مسكينا. قال هناد: قال عبيدة: قيل لمنصور الذي يطعم كل يوم نصف صاع؟ قال: نعم.
حدثنا هناد، قال: ثنا مروان بن معاوية، عن عثمان بن الأسود، قال: سألت
مجاهدا عن امرأة لي وافق تاسعها شهر رمضان، ووافق حرّا شديدا، فأمرني أن تفطر وتطعم.
قال: وقال مجاهد: وتلك الرخصة أيضا في المسافر والمريض، فإن الله يقول:وَعلى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين.
حدثنا هناد، قال: ثنا أبو معاوية، عن عاصم، عن عكرمة، عن ابن عباس قال:
الحامل والمرضع والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصوم يفطرون في رمضان، ويطعمون عن كل
يوم مسكينا.
ثم قرأ: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين.
حدثنا عليّ بن سعد الكندي، قال: ثنا حفص، عن حجاج، عن أبي إسحاق، عن الحرث،
عن عليّ في قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: الشيخ
الكبير الذي لا يستطيع الصوم يفطر ويطعم مكان كل يوم مسكينا.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن عمرو بن دينار، عن
عطاء، عن ابن عباس قال: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين قال:
هم الذين يتكلفونه ولا يطيقونه، الشيخ والشيخة.
حدثني المثنى، قال: ثنا الحجاج، قال: ثنا حماد، عن الحجاج، عن أبي إسحاق،
عن الحرث، عن عليّ قال: هو الشيخ والشيخة.
حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج، قال: ثنا حماد، عن عمران بن حدير، عن عكرمة
أنه كان يقرؤها: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فأفطروا.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن عاصم عمن حدثه،
عن ابن عباس، قال: هي مثبتة للكبير والمرضع والحامل وعلى الذين يطيقون الصيام.
حدثنا المثنى، قال: ثنا سويد، قال: ثنا ابن المبارك، عن ابن جريج، قال:
قلت لعطاء: ما قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَه؟ قال: بلغنا أن الكبير إذا لم يستطع
الصوم يفتدي من كل يوم بمسكين، قلت: الكبير الذي لا يستطيع الصوم، أو الذي لا يستطيعه
إلا بالجهد؟ قال: بل الكبير الذي لا يستطيعه بجهد ولا بشيء، فأما من استطاع بجهد فليصمه
ولا عذر له في تركه.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: أخبرني
عبد الله بن أبي يزيد: وعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ الآية، كأنه يعني الشيخ الكبير.
قال ابن جريج: وأخبرني ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول: نزلت في الكبير
الذي لا يستطيع صيام رمضان فيفتدي من كل يوم بطعام مسكين. قلت له: كم طعامه؟ قال: لا
أدري، غير أنه قال: طعام يوم.
حدثني المثنى، قال: ثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن الحسن بن يحيى،
عن الضحاك في قوله: فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين قال: الشيخ الكبير الذي لا يطيق الصوم
يفطر ويطعم كل يوم مسكينا.
وأولى هذه الأقوال بتأويل الآية قول من قال: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعام مِسْكِين منسوخ بقول الله تعالى ذكره: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ
فَلْيَصُمْهُ لأن الهاء التي في قوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ من ذكر الصيام.
ومعناه: وعلى الذين يطيقون الصيام فدية طعام مسكين. فإذا كان ذلك كذلك،
وكان الجميع من أهل الإسلام مجمعين على أن من كان مطيقا من الرجال الأصحاء المقيمين
غير المسافرين صوم شهر رمضان فغير جائز له الإفطار فيه والافتداء منه بطعام مسكين،
كان معلوما أن الآية منسوخة. هذا مع ما يؤيد هذا القول من الأخبار التي ذكرناها آنفا
عن معاذ بن جبل وابن عمر وسلمة بن الأكوع، من أنهم كانوا بعد نزول هذه الآية على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم في صوم شهر رمضان بالخيار بين صومه وسقوط الفدية عنهم،
وبين الإفطار والافتداء من إفطاره بإطعام مسكين لكل يوم، وأنهم كانوا يفعلون ذلك حتى
نزلت: فَمَنْ شَهدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ فألزموا فرض صومه، وبطل الخيار
والفدية.
فإن قال قائل: وكيف تدعي إجماعا من أهل الإسلام على أن من أطاق صومه وهو
بالصفة التي وصفت فغير جائز له إلا صومه، وقد علمت قول من قال: الحامل والمرضع إذا
خافتا على أولادهما لهما الإفطار، وإن أطاقتا الصوم بأبدانهما، مع الخبر الذي رُوي
في ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي:
حدثنا به هناد بن السري، قال: ثنا قبيصة، عن سفيان، عن أيوب، عن أبي قلابة،
عن أنس، قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتغدى فقال: «تَعالَ أُحدّثْكَ،
إن اللَّهَ وَضَعَ عَنِ المُسافِرِ وَالحامِلِ وَالمُرْضِعِ الصَّوْمَ وَشَطْرَ الصَّلاة».
قيل: إنا لم نّدع إجماعا في الحامل والمرضع، وإنما ادعينا في الرجال الذين
وصفنا صفتهم. فأما الحامل والمرضع فإنما علمنا أنهنّ غير معنيات بقوله: وَعلى الَّذِينَ
يُطِيقُونَهُ وخلا الرجال أن يكونوا معنيين به لأنهنّ لو كنّ معنيات بذلك دون غيرهن
من الرجال لقيل: وعلى اللواتي يطقنه فدية طعام مسكين لأن ذلك كلام العرب إذا أفرد الكلام
بالخبر عنهن دون الرجال فلما قيل: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ كان معلوما أن المعنيّ
به الرجال دون النساء، أو الرجال والنساء. فلما صحّ بإجماع الجميع على أن من أطاق من
الرجال المقيمين الأصحاء صوم شهر رمضان فغير مرخص له في الإفطار والافتداء، فخرج الرجال
من أن يكونوا معنيين بالآية، وعلم أن النساء لم يردن بها لما وصفنا من أن الخبر عن
النساء إذا انفرد الكلام بالخبر عنهن وعلى اللواتي يطقنه، والتنزيل بغير ذلك.
وأما الخبر الذي رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلم فإنه إن كان صحيحا،
فإنما معناه أنه وضع عن الحا
كما وضع عن المسافر في سفره حتى يقيم فيقضيه، لا أنهما أمرتا بالفدية
والإفطار بغير وجوب قضاء، ولو كان في قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: «إنَّ اللَّهَ
وَضَعَ عَنِ المُسافِرِ وَالمُرْضِعِ وَالحامِلِ الصَّوْمَ» دلالة على أنه صلى الله
عليه وسلم إنما عنى أن الله تعالى ذكره وضع عنهم بقوله: وَعلى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ
فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين لوجب أن لا يكون على المسافر إذا أفطر في سفره قضاء، وأن
لا يلزمه بإفطاره ذلك إلا الفدية لأن النبيّ صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حكمه وبين
حكم الحامل والمرضع، وذلك قول إن قاله قائل خلاف لظاهر كتاب الله ولما أجمع عليه جميع
أهل الإسلام.
وقد زعم بعض أهل العربية من أهل البصرة أن معنى قوله: وَعلى الَّذِينَ
يُطِيقُونَه وعلى الذين يطيقون الطعام، وذلك لتأويل أهل العلم مخالف.
وأما قراءة من قرأ ذلك: «وَعلى الَّذِينَ يُطَوّقُونَه» فقراءة لمصاحف
أهل الإسلام خلاف، وغير جائز لأحد من أهل الإسلام الاعتراض بالرأي على ما نقله المسلمون
وراثة عن نبيهم صلى الله عليه وسلم نقلاً ظاهرا قاطعا للعذر، لأن ما جاءت به الحجة
من الدين هو الحق الذي لا شك فيه أنه من عند الله، ولا يعترض على ما قد ثبت وقامت به
حجة أنه من عند الله بالآراء والظنون والأقوال الشاذة.
وأما معنى «الفدية» فإنه الجزاء من قولك: فديت هذا بهذا: أي جزيته به،
وأعطيته بدلاً منه.
ومعنى الكلام: وعلى الذين يطيقون الصيام جزاء طعام مسكين لكل يوم أفطره
من أيام صيامه الذي كتب عليه.
وأما قوله: فِدْيَةٌ طَعامُ مِسْكِين فإن القرّاء مختلفة في قراءته، فبعض
يقرأ بإضافة الفدية إلى الطعام، وخفض الطعام وذلك قراءة معظم قرّاء أهل المدينة بمعنى:
وعلى الذين يطيقونه أن يفدوه طعام مسكين فلما جعل مكان أن يفديه الفدية أضيف إلى الطعام،
كما يقال: لزمني غرامة درهم لك بمعنى لزمني أن أغرم لك درهما، وآخرون يقرءونه بتنوين
الفدية ورفع الطعام بمعنى الإبانة في الطعام عن معنى الفدية الواجبة على من أفطر في
صومه الواجب، كما يقال لزمني غرامةُ درهمٍ لك، فتبين بالدرهم عن معنى الغرامة ما هي
وما حدّها، وذلك قراءة عُظْم قرّاء أهل العراق.
وأولى القراءتين بالصواب قراءة من قرأ: «فِديةُ طعَام» بإضافة الفدية
إلى الطعامِ، لأن الفدية اسم للفعل، وهي غير الطعام المفدى به الصوم. وذلك أن الفدية
مصدر من قول القائل: فديت صوم هذا اليوم بطعام مسكي
جلست جلسة، ومشيت مشية، والفدية فعل والطعام غيرها. فإذا كان ذلك كذلك،
فبَيّنٌ أن أصحّ القراءتين إضافة الفدية إلى الطعام، وواضح خطأ قول من قال: إن ترك
إضافة الفدية إلى الطعام أصحّ في المعنى من أجل أن الطعام عنده هو الفدية. فيقال لقائل
ذلك: قد علمنا أن الفدية مقتضية مفديًّا ومفديًّا به وفدية، فإن كان الطعام هو الفدية
والصوم هو المفدى به، فأين اسم فعل المفتدى الذي هو فدية؟ إن هذا القول خطأ بين غير
مشكل. وأما الطعام فإنه مضاف إلى المسكين والقراء في قراءة ذلك مختلفون، فقرأه بعضهم
بتوحيد المسكين بمعنى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين واحد لكل يوم أفطره. كما:
حدثني محمد بن يزيد الرفاعي، قال: ثنا حسين الجعفي، عن أبي عمرو: أنه
قرأ «فديةٌ» رفع منون «طعامُ» رفع بغير تنوين «مسكين». وقال: عن كل يوم مسكين. وعلى
ذلك عُظْم قرّاء أهل العراق. وقرأه آخرون بجمع المساكين: «فِدْيَةٌ طَعامُ مَساكِين»
بمعنى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين عن الشهر إذا أفطر الشهر كله. كما:
حدثنا أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي، عن يعقوب، عن بشار، عن عمرو، عن
الحسن: طعام مساكين عن الشهر كله.
وأعجب القراءتين إليّ في ذلك قراءة من قرأ طعام مسكين على الواحد بمعنى:
وعلى الذين يطيقونه عن كل يوم أفطروه فدية طعام مسكين لأن في إبانة حكم المفطر يوما
واحدا وصولاً إلى معرفة حكم المفطر جميع الشهر، وليس في إبانة حكم المفطر جميع الشهر
وصول إلى إبانة حكم المفطر يوما واحدا وأياما هي أقل من أيام جميع الشهر، وأن كل واحد
يترجم عن الجميع وأن الجميع لا يترجم به عن الواحد، فلذلك اخترنا قراءة ذلك بالتوحيد.
واختلف أهل العلم في مبلغ الطعام الذي كانوا يطعمون في ذلك إذا أفطروا،
فقال بعضهم: كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم الواحد نصف صاع من قمح.
وقال بعضهم: كان الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم مدّا من قمح ومن
سائر أقواتهم.
وقال بعضهم: كان ذلك نصف صاع من قمح أو صاعا من تمر أو زبيب.
وقال بعضهم: ما كان المفطر يتقوّته يومه الذي أفطره.
وقال بعضهم: كان ذلك سحورا وعشاء يكون للمسكين إفطارا. وقد ذكرنا بعض
هذه المقالات فيما مضى قبل فكرهنا إعادة ذكرها.
القول في تأويل قوله تعالى: فَمِنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ.
اختلف أهل التأويل في تأويل ذلك،
فقال بعضهم بما:
حدثنا محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح،
عن مجاهد وعطاء، عن ابن عباس: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فزاد طعام مسكين آخر فهو خير
له، وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو حذيفة، قال: ثنا شبل، عن ابن أبي نجيح، عن
عمرو بن دينار، عن عطاء، عن ابن عباس مثله.
حدثنا هناد، قال: ثنا وكيع، عن سفيان، عن خصيف، عن مجاهد في قوله: فَمَنْ
تَطَوَّعَ خَيْرا قال: من أطعم المسكين صاعا.
حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن معمر، عن
ابن طاوس، عن أبيه: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ قال: إطعام مساكين
عن كل يوم فهو خير له.
حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حنظلة، عن
طاوس: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا قال: طعام مسكين.
حدثني المثنى، قال: حدثنا سويد، قال: أخبرنا ابن المبارك، عن حنظلة، عن
طاوس نحوه.
حدثنا محمد بن بشار، قال: حدثنا عبد الرحمن، قال: ثنا سفيان، عن ليث،
عن طاوس: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا قال: طعام مسكين.
حدثني المثنى، قال: ثنا حجاج. قال: حدثنا حماد، عن ليث، عن طاوس، مثله.
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عمر بن هارون، قال: ثنا ابن جريج، عن عطاء أنه
قرأ: فَمَنْ تَطَوَّعَ بالتاء خفيفة (الطاء) خَيْرا، قال: زاد على مسكين.
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو، قال: ثنا أسباط، عن السدي: فَمَنْ
تَطَوَّعَ خَيْرا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ فإن أطعم مسكينين فهو خير له.
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج:
أخبرني ابن طاوس عن أبيه: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ قال: من أطعم
مسكينا آخر.
وقال آخرون: معنى ذلك: فمن تطوّع خيرا فصام مع الفدية. ذكر من قال ذلك:
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: أخبرني يونس،
عن ابن شهاب: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ يريد أن من صام مع الفدية
فهو خير له.
وقال آخرون: معنى ذلك: فمن تطوّع خيرا فزاد المسكين على قدر طعامه. ذكر
من قال ذلك:
حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، قال: قال ابن جريج،
قال مجاهد: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فزاد طعاما فهو خير له.
والصواب من القول في ذلك عندنا أن الله تعالى ذكره عمم بقوله:
فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا فلم يخصص بعض معاني الخير دون بعض، فإن جمع الصوم
مع الفدية من تطوّع الخير وزيادة مسكين على جزاء الفدية من تطوّع الخير.
وجائز أن يكون تعالى ذكره عنى بقوله: فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرا أي هذه
المعاني تطوّع به المفتدي من صومه فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ لأن كل ذلك من تطوّع الخير ونوافل
الفضل.
القول في تأويل قوله تعالى: وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إنْ كُنْتُمْ
تَعْلَمُونَ.
يعني تعالى ذكره بقوله: وأنْ تَصُومُوا ما كتب عليكم من شهر رمضان فهو
خير لكم من أن تفطروه وتفتدوا. كما:
حدثني موسى بن هارون، قال: ثنا عمرو بن حماد، قال: ثنا أسباط، عن السدي:
وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ ومَن تكلّف الصيام فصامه فهو خير له.
حدثني المثنى، قال: ثنا أبو صالح، قال: حدثني الليث، قال: حدثني يونس،
عن ابن شهاب: وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ أي أن الصيام خير لكم من الفدية.
حدثني محمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى، عن ابن أبي نجيح،
عن مجاهد: وأنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ.
وأما قوله: إنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ فإنه يعني: إن كنتم تعلمون خير الأمرين
لكم أيها الذين آمنوا من الإفطار والفدية أو الصوم على ما أمركم الله به.
Komentar
Posting Komentar